وتابع: نتمنى بما تمتلك السعودية من قدرات هائلة ودور قيادي على المستويين الإقليمي والعالمي، أن تدعم دارفور وتساعد في كثير من التفاصيل التي يحتاجها الإقليم، مشيدا بـ«مركز الملك سلمان للإغاثة والمساعدات الإنسانية» الذي وصفه بـ«الصرح العالمي العملاق»، وتوقع أن يقدم مركز الملك سلمان في الأيام المقبلة مساعدات شاملة، فيما يلي من تنمية وبنى تحتية ومراكز صحية وإيواء للنازحين.. فإلى تفاصيل الحوار:
- إعلان الحكومة السودانية موافقتها على تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية وعلى رأسهم عمر البشير، وقبل ذلك قال الفريق البرهان، إن المحاكمة ستقام في السودان، ماذا بين السطور؟
بصريح العبارة «اتفاق جوبا نص على مثول المطلوبين للمحكمة الدولية، وإذا وافق مجلس الوزراء على تسليمهم، فهذا من وجهة نظري واحد من «استحقاقات السلام»، فالاتفاقية ركزت على العدالة كـ «مستحق أساسي»، فلا يمكن أن تصف دولة بـ «دولة» إن لم تكن فيها عدالة، ونحن نرحب بتسليمهم، باعتباره بندا من بنود «سلام جوبا».
- الأشقاء والشركاء ومن كان لهم دور في تقريب وجهات النظر وصولا إلى اتفاق سلام جوبا، من واقع ملامستك للمفاوضات وأنت طرف رئيس فيها، كيف تصف الدور السعودي؟
حتى قبل أن نبدأ في اتفاق السلام نفسه، دور المملكة العربية السعودية تجاه السودان مساند للخرطوم بصورة واسعة وكبيرة منذ وقت بعيد، ليس فقط أثناء المفاوضات كم قلت؛ فالسعودية هي داعمة للشعب السوداني ولا علاقة لها بمصلحة أو أجندة خاصة، وحقيقة نطمح في استمرار هذه الدعم، فعلاقة البلدين قديمة، وتحديدا علاقة دارفور بالمملكة، وهي «خاصة جدا جدا»، ونتمنى بما تمتلك السعودية من قدرات هائلة ودور قيادي على المستويين الإقليمي والعالمي أن تدعم دارفور وتساعد في كثير من التفاصيل التي يحتاجها الإقليم، والمملكة قدمت الكثير لا شك في ذلك، ولكننا نطمع في المزيد.
وأذكر في زيارات لرئيس «الجبهة الثورية» وعضو السيادي الأخ الهادي إدريس، وعدد من المسؤولين بالدولة، إلى المملكة، وزيارتهم الصرح العالمي العملاق «مركز الملك سلمان للإغاثة والمساعدات الإنسانية»، وتناقشوا مع المشرفين هناك ما تحتاجه دارفور، ووجدوا وعودا كبيرة جدا، وأنا أتوقع في الأيام المقبلة أن يقدم مركز الملك سلمان مساعدات شاملة فيما يلي من تنمية وبنى تحتية ومراكز صحية وإيواء للنازحين، وأنا على قناعة أن المركز لن يقصر تجاه الإقليم الذي - كما ذكرت لك سابقا - يحمل علاقات خاصة جدا جدا جدا مع المملكة.
وهنا لا ننسى دور دولة الإمارات العربية المتحدة التي أرسلت قبل أيام باخرة مساعدات إنسانية، وكنت في استقبالها بميناء بورتسودان.
- الصعوبات التي واجهتكم مع بداية تنفيذ اتفاق «سلام جوبا».. ونعلم أنها تسير بوتيرة مطردة، فهل تنظرون إلى تنزيلها على الأرض بعين الرضا؟
عند توقيعنا اتفاق سلام جوبا، كنا نعرف بوجود تحديات، وأبرزها أن البعض كان له رأي في السلام بشكل عام، وفي الخرطوم لم يكن هناك توافق سياسي حول اتفاقية سلام جوبا «نفسها»، وهذا أخذ منا زمنا طويلا جدا حتى نصل إلى وفاق من أجل تكوين «مجلس شركاء الفترة الانتقالية»، وبعد تجاوز هذه المرحلة دخلنا في أخرى؛ بتنفيذ هياكل «اتفاق جوبا للسلام»، ولكن نحن لا نستطيع أن نقول «إن هذا هو طموح الشعب السوداني في تنزيل الاتفاق على الأرض»، وفي منظورنا نحن تنفيذ الاتفاق «لا يعني المشاركة في السلطة»، مثل «فلان وزير، وعلان حاكم، وفرتكان عضو مجلس سيادة» وهكذا، فنحن صراحة لدينا أشياء أكبر من ذلك، وأنا شخصيا أرى أن هناك تأخيرا كبيرا في تنفيذ الاتفاقية، و«هذا معروف للجميع»، لم نحقق شيئا في الخدمة المدنية، وفي الوقت ذاته لم نسر أي خطوة في «الترتيبات الأمنية»، لم نستطع «لمس» كل الملفات الصعبة، وإذا قلنا إننا راضون عن الخطوات التي اتخذت، فهذا يعني أننا غير صادقين مع أنفسنا، ولكن كما تعلم نحن ننظر إلى هذا الأمور من زاوية أخرى، إن الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد يمكن أن يكون لها الأثر الأكبر، ولكننا نطمح في الفترة القادمة خاصة أن هناك إصرارا من الأطراف الموقعة على «سلام جوبا»، أن نمضي قدما في تنفيذ البنود كافة.
- هذا يقودنا إلى سؤال السيد الوالي، «الترتيبات الأمنية» حجر الزاوية في «سلام جوبا»، ودمج القوات العسكرية، ما المشكلة تحديدا؟
الاتفاق نفسه هو الترتيبات الأمنية، فمن غيرها لا نستطيع أن نقول إن «هناك اتفاق سلام»، والسلام يعني وقف الحرب، وأن يعيش المواطن في دارفور أو في أنحاء السودان كافة في أمن واستقرار وأمان، وأصدقك القول إننا تأخرنا كثيرا في تنفيذ «بند الترتيبات الأمنية» لسببين؛ الأول كما ذكرت لك أولا عدم المسؤولية من البعض تجاه تنفيذ اتفاق السلام..
- المحرر مقاطعا: من تقصد؟
هناك أطراف لديها رغبة في عدم استقرار السودان، والسبب أو المهدد الثاني، هو الوضع الاقتصادي في البلد، فإذا أنت تحدثت عن ترتيبات أمنية، فهنا يجب أن تضع في بالك أنك تريد أن تجمع «كما هائلا من الجيوش»، قوات الحركات والجيش السوداني، فأنت تنوي أن تدمجهم في قوة واحدة، هذا إذا يحتاج إلى موارد ضخمة جدا، ونحن لا نستطيع أن نقول «إننا أخفقنا»، ولكننا عندما حضرنا لتوقيع الاتفاق جئنا نحمل نوايا طيبة، لم نبحث عن ضمانات خارجية بالشكل المفهوم، ولكن كانت هناك وعود والتزامات من الخارج بدعم الاتفاق ماليا، إن كان من الأصدقاء والأشقاء من دول الجوار أو المجتمع الدولي عموما، لكي نعمل على تنفيذ الاتفاق، والبند الأهم وهو الترتيبات الأمنية، وهذا لم يحدث أبدا، لذلك جاء التأخير، ولكنني أرى أنه من الضروري أن نتحد في المضي بتنفيذ «اتفاق السلام» وترتيباته الأمنية، ومن بعده يمكننا أن ننطلق في تنفيذ البروتوكولات الأخرى، و(الثلاثاء 10 أغسطس) كنا في الفاشر والرئيس البرهان أعلن البدء في تنفيذ الاتفاق ونحن في انتظار خطوات عملية حتى نجمع قواتنا، وبعدها نستطيع أن نقول إننا بدأنا بالفعل الخطوة الأهم، وهي الترتيبات الأمنية.
- بمناسبة تنصيب مني أركو مناوي حاكما لإقليم دارفور، هل في اعتقادك ستواجهه معوقات في إدارة الإقليم؟
دعني أقل لك.. هذا استحقاق للسلام، مثله مثل شخص أصبح عضوا بالمجلس السيادي أو واليا أو وزيرا، كلها استحقاقات للسلام، وكلنا كنا حاضرين بالفاشر عند تنصيب الأخ مني أركو مناوي، ولكن تنصيبه حاكما لا يعني اذهب لتصبح حاكما، فهذا يحتاج لمقومات وإمكانات حتى يستطيع الأخ مناوي إدارة إقليم بحجم دارفور، الذي يشغل مساحة واسعة في السودان ويكاد أن يكون أكبر من دولة فرنسا، إذا هو يحتاج لإمكانات ضخمة، لذلك كان همنا الأول والأخير مع وجود الحاكم، أن يسبق تنصيبه خطوات، من بينها قيام مؤتمر لتحديد الحدود الجغرافية وترسيم الحدود، والمؤتمر أيضا يحدد علاقة المركز (الخرطوم) مع الحاكم، وبالتالي علاقة الحاكم وولاة الولايات، كل هذا على الطاولة أمامنا، وسنصل بإذن الله إلى المؤتمر لنخرج بنتائج، والغرض الأساسي هو بالطبع كيف نبسط السلام والأمن والاستقرار لإنسان دارفور خاصة والسودان عموما.
- الشارع السوداني يرى أن السلام منقوص، باعتبار عدم توقيع عبدالواحد محمد نور وعبدالعزيز الحلو، ما رأيك؟
لا أذيعك سرا، أنا أضم صوتي لمن يرى أن السلام منقوص، ولكن في جانب عدم إشراك الآخرين، أما في «التفاصيل» فهو غير منقوص، لذلك فنحن نطمح.. هذه فترة انتقالية.. والسلام ليس محصورا في عبدالواحد والحلو، فهناك إخوة آخرون قادة لعدد من الحركات، وكنا زملاء نضال ورفقة بعضنا بعضا، ونتمنى أن يلتحقوا بالسلام، وبالطبع كل منهم يرى السلام بمنظوره، وحقيقة إنني لا أرى أي مبرر لئلا يلتحق هؤلاء الإخوة بقطار السلام، فحكومة الفترة الانتقالية هي «حكومة الثورة»، والكل شارك فيها بما فيهم رافضو السلام، إن كان عبر عضويته أو لجانه أو جماهيره، والثورة نجحت وما زالت جماهيرهم موجودة و«حراسا للفترة الانتقالية»، لذلك فمن الأفضل أن يصل الجميع إلى السلام، وأعني «سلاما شاملا»، فالحوار في جوبا كان مفيدا وخاطب جذور الأزمة السودانية بطريقة مستفيضة، وإذا كانت هناك إخفاقات، فعلى الرافضين أن يضيفوا.
- أين مجلس شركاء الفترة الانتقالية؟
المجلس تم بناؤه بصعوبة بالغة جدا في البداية، فهناك كثيرون اعتقدوا أنه سيتغول أو تغول على صلاحيات «قوى الحرية والتغيير»، وعلى العموم المجلس موجود وفي الفترة السابقة قدم جهودا واسعة في تكوين مجلس الوزراء، وتولية ولاة تابعين لحركات الكفاح المسلح، والآن «الشركاء» هو الراعي لمبادرة رئيس مجلس الوزراء فيما يلي التوافق السياسي، وأنت تعلم «أن التعقيدات في السودان كثيرة جدا».