أستعرض في هذا المقال التطورات الملموسة في مشاريع التنويع الاقتصادي وجذب الاستثمارات إلى المملكة منذ خمسة أعوام حتى اليوم. وكما نعلم أن لرؤية 2030 أهدافا كثيرة أهمها التحول من الاعتماد بنسبة كبيرة على إيرادات النفط إلى الاعتماد على القطاع الخاص ومصادر غير نفطية لدعم ميزانية الدولة التي تأثرت منذ عدة أعوام بتراجع أسعار النفط بنسبة عالية وملموسة في كثير من النشاطات الاقتصادية. وتدرك القيادة السعودية أهمية تدفق رؤوس الأموال والتقنية والتكنولوجيا إلى المملكة، لذلك رأت أن جذبها يكون من خلال المشاريع المشتركة مع شركاء استراتيجيين من الدول الصناعية المتقدمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وبريطانيا والصين وغيرها.
ويعد مشروع البحر الأحمر من المشاريع العملاقة التي أعلن عنها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قبل حوالي عامين. ولأهمية هذا المشروع العملاق فإنني سأتحدث عنه بالتفصل لتأثيره الإيجابي المتوقع على الكثير من القطاعات الاقتصادية التنموية في المملكة. إن إعلان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن إطلاق مشاريع سياحية عديدة تحت مسمى مشروع البحر الأحمر يعتبر دعماً اقتصادياً قوياً وجاذباً للمستثمرين من المملكة وخارجها، حيث ستستثمر فيه الحكومة ممثلة بصندوق الاستثمارات العامة وبالتعاون مع شركات عالمية متخصصة في قطاع السياحة والفندقة والضيافة، وذلك لتطوير منتجعات سياحية متميزة على ساحل البحر الأحمر وفي أكثر من 50 جزيرة طبيعية.
وتعتبر مبادرة مشروع القدية الترفيهي من أكبر المشاريع الترفيهية في العالم، حيث كانت مبادرة سموه خطوة طموحة تحفز الاستثمار في المشاريع السياحية والترفيهية. ويلخص مشروع إنشاء أكبر مدينة ثقافية ورياضية وترفيهية من نوعها على مستوى العالم، توجهات المملكة وآلية عملها خلال المرحلة المقبلة، لتعزيز الجوانب الاقتصادية والتنموية في المملكة، وإيجاد مصادر جديدة للدخل، بحيث تقلص من ميزانية بقيمة 100 مليار ريال ينفقها المواطنون حالياً على الترفيه في الخارج كل عام. ويكشف مشروع القدية الترفيهي عن خطط صندوق الاستثمارات العامة للتوسع في المشاريع المحلية ذات الجدوى الاقتصادية الواعدة، التي تفيد الوطن والمواطن، وتدر دخلاً كبيراً على خزينة الدولة، إلى جانب توفير عدد كبير من الوظائف للمواطنين الراغبين في العمل، إضافة إلى توفير فرص استثمارية للأفراد والأسر المنتجة.
وسيضيف كل من مشروعي البحر الأحمر والقدية قيمة اقتصادية وثقافية واجتماعية للمملكة في المدى البعيد، بل سيجعلها وجهة سياحية عالمية مما يزيد في روافدها الاقتصادية غير البترولية. وسيحفز المشروع قيام منتجات عائلية تراثية كالملبوسات والأكلات الشعبية والتحف من مختلف مناطق المملكة. وستتخصص شركات عديدة في تسويق نفسها في المجال السياحي والتراثي من خلال منتجاتها سواء المنتجات المرتبطة مباشرة بالأماكن السياحية أو المتعلقة باحتياجات السياح عامة.
وسينشط قطاع المقاولات المتخصصة في التشييد والبناء والخدمات الإنشائية الكهربائية والإمدادية. وعلى الشركات الإنشائية الاستعداد لطفرة جديدة قد تكون أشبه بالطفرة النفطية في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات الميلادية من القرن الماضي. هذه المشاريع السياحية والترفيهية ستشجع الشركات المتخصصة في المقاولات على الاندماج للاستحواذ على نصيب الأسد من المناقصات، خاصة أنها ستواجه منافسة قوية وشرسة من الشركات العالمية الشهيرة.