كنت في زيارة عزاء لإحدى الصديقات وكانت بالإضافة للوعة الفقد ومكابدة ألمه تشتكي من ضغوط عائلة زوجها واتهامهم لها بأنها تعلم كل شاردة وواردة من تركته ! وبغض النظر عن أن الوقت لم يكن مناسبا للحديث عن هذه الأمور إلا أنها كانت ستختصر الكثير لو كان الزوج صريحا قد أسر لأم عياله عن ماله وسيكفيها مؤنة المحاكم والمعاملات التي لم تكن تحسبها كما لن تحتاج للبحث عن طريقة لسد جوعة أبنائها بعده لمعرفتها سبل الاستفادة من تركته، إن بعض الأزواج يرون الأمور المالية والتكتم عليها من خصوصيتهم ولا حق لأحد في معرفتها واكتشافها حتى أقرب الناس إليهم حتى أن الكثير منهم يخفون عن زوجاتهم مقدار الراتب الذي يتقاضونه إما خوفا من طمع بعض الزوجات أو ثقافة تناقلوها كما يتداول بعضهم عبارة «بفلوس» إجابة لأي سؤال يتعلق بالمال يخفي قدره، ولأن الموت أصبح زائرا لا يستأذن أحدا فمن واجب كلا الزوجين الإفصاح عن ممتلكاته أو كتابة وصية مفصلة تُفتح بعد الوفاة «ومن مات على وصية مات على سنة» كما جاء في الحديث، فكثير من الزوجات بعد وفاة أزواجهن يفاجأن بأمور لم يحسبن لها حسابا فإما أن يجدن أنفسهن أمام دائنة يطالبونهن مالا لم يعلمن به ! أو محتالين يأكلون حقوقهن وحقوق أبنائهن ! أو حتى أسر محتاجة ستخسر كافلها لعدم توصيته بهم بعده ! وهنا لا أقصد رجال الأعمال الذين لديهم محاسبون ومكاتب قانونية كفتهم هذه المؤنة لكن أقصد أصحاب الرواتب أو التجارات الصغيرة الذين استطاعوا ادخار شيء من مالهم ليستفيد منه ورثتهم بعدهم لكنهم أورثوهم المشقة والتنازع بتكتمهم ولأن المرأة ضعيفة بطبعها فهي لا تحتمل مسؤولية أكبر من طاقتها بعد وفاة الزوج فعلى الزوج الترفق بها والتسهيل عليها خاصة إذا كانت ممن تحملت الكثير حال حياته !
إن السرية في الحياة وخاصة بين الزوجين (المتوافقين) ليست محمودة فالتكلف فيها يورث الشك والتقصي الدائم والمشكلات الأسرية وهذا لا يعني الحق في معرفة كل التفاصيل الدقيقة والتي قد يكون إخفاؤها هو الأفضل لكن كل أمر سيشكل شغلا للورثة بعد وفاة المورث وانعدام وجوده يجب أن يتفق عليه الزوجان حال الحياة والقصص التي تثبت الصدمات النفسية بعد أخبار تم اكتشافها بعد موت الزوج كثيرة ومؤلمة.
إن الإفصاح في هذا الوقت بالذات ! يمنع المفاجآت المؤلمة وبعيدا عن الأمور المالية قد تكون نتيجة رغبة من الشخص في مفاجأة أسرته كالمسافر الذي حصل له حادث فمات ولم يعلم أحد به لأنه لم يخبر أحدا أنه في طريق سفر، وقد تكون السرية لدى شخص وضع كل ما يملك في شركات وهمية دون أن يخبر أحدا أو يستشير ثقة فخسر كل ماله !! وكان يظن أنه سيفاجئ الجميع بثرائه ! وهناك العديد من الشواهد التي أضرت الشخص الكتوم ذاته فليس دائما الكتمان خصوصية وليس صحيحا ما يشاع عن المرأة أنها ثرثارة لا تكتم سرا بل لكل قاعدة شواذ وعادة يدرك الزوج شخصية زوجته وهل يصلح لها أن تكون مكمن سره أم من الأفضل البحث عن شخص آخر يتمتع بالثقة ويفصح له عما يخشاه بعد وفاته.
@ghannia