شهد التعليم السعودي خلال السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا في معظم عناصره -البيئة التعليمية والمنهج والمعلم-، فظهر حرص الوزارة على توفير مبانٍ تعليمية مجهزة في مختلف المدن والهجر بالرغم من ترامي أطراف البلاد ووعورة بعض مناطقها، كما ظهر التركيز على المناهج الدراسية وطرق عرضها ومراجعتها وتحديثها، بالإضافة أو الدمج، وتم الاهتمام بكفاءة المعلم وتأهيله بما يتواكب مع مستجدات الميدان التربوي، وذلك عن طريق اختبارات كفايات المعلمين وتكثيف برامج التدريب القصيرة والطويلة والابتعاث، ورغم أن كل عمليات التطوير تصب في مصلحة الطالب إلا أن الاهتمام بإعداده للحياة كان ومازال متواضعا، فغاية المدرسة خصوصا في مرحلتي المتوسطة والثانوية هي حصول الطالب على درجات عالية في الاختبارات المحلية والدولية، وهمّ الطالب وعائلته هو اجتياز هذه الاختبارات بدرجات عالية حتى يثبت نجاحه لمَنْ حوله، وكأن اجتياز مراحل التعليم العام وسيلة لغاية دخول الجامعة فقط.
إن الفلسفة التي ربطت النجاح في الحياة بالتعليم الجامعي لم تكن موجودة في المجتمع السعودي قبل 40 عاما، فقد تكونت مع الوقت نتيجة ارتباط العمل والمكانة الاجتماعية بالشهادة الجامعية فقط، لذلك نجد تهميش الكثير من المهن من قبل الشباب السعودي نتج عنه وجود فجوة في سوق العمل يصعب معالجتها بالكوادر الوطنية.
ونظراً لأن التعليم هو الأداة الوحيدة لتطوير الإنسان، ولأن نظام التعليم في أي دولة هو القادر على تغيير فلسفة المجتمع وفكر أفراده -الدليل على ذلك تفاعل المجتمع السعودي مؤخراً مع مستجدات التقنية خلال أزمة كورونا لارتباطها بالتعليم- فإني أعول عليه في منح الجيل القادم فرصة لتنمية مهاراتهم المهنية في سن مبكرة خلال مراحل التعليم العام، وذلك بغرض اكتشاف ذواتهم ومن ثم التحاقهم بمهن تسهم في سد الفجوة في سوق العمل السعودي.
zainm1111@