صديقي أبو سليمان بدأ حياته كمهندس في إحدى الشركات التقنية الكبرى، تدرج فيها حتى تشرب المجال وأصبح مدرسة بلا طلاب. استجمع قواه وكون رأس المال ليستقل من كونه موظفا ويصبح صاحب مشروع تجاري ورب عمل على منشأة متوسطة اليوم يزدهر فيها اقتصاده واقتصاد وطنه واقتصاد من يفتح في وجوههم باب التوظيف ويدربهم وينقل لهم ما علمته السنين. يوظف شباب الوطن على وظائف هندسية وتقنية يغدق عليهم من التدريب على أعلى المستويات ويوفر لهم بيئة عمل لم تتوافر في كبرى الشركات ليجهزهم ويتأهل بهم للمشاريع على النطاقين الخاص والعام برواتب منافسة، وحينما ينطلق السباق ويتأهب أبو سليمان لقطف ثمرة ما بناه في هذه الكوادر إلا وتنفتح عليه جبهة التوظيف في شركات التشغيل والشركات الكبرى يتهافتون لاستقطاب هذه الكوادر الجاهزة المجهزة من أبو سليمان. في هذه اللحظات يراقب أبو سليمان انتقال هذه الكوادر إلى تلك الجهات وتتحول منشأته من جاهزة مؤهلة للدخول في المنافسات إلى منشأة غير مؤهلة وأما بخصوص المشاريع التي تحت التنفيذ فيصبح عرضة للغرامات لتأخره في تنفيذها أو عدم القدرة على ذلك، فتتداعى منشأة أبو سليمان المتوسطة وتتوسع وتتمدد باقي الأطراف (المنشآت الكبرى والكوادر) ويزدادون نموا، فهو لن يستطيع أن يجاري تلك المنشآت بنفس أدواتهم وقدراتهم المالية في التوظيف فهو يعلن الإعلان الوظيفي ولا يتقدم عليه أحد مقابل إعلان المنشآت الكبرى والحكومية والتي يتهافت عليها صاحب الخبرة البسيطة قبل المستجد للالتحاق بتلك الكيانات العملاقة ذات الأمان الوظيفي. أبو سليمان استفاد مثله مثل باقي المنشآت من برامج التوطين والتدريب ودعم التوظيف، ولكنه تميز عن باقي المنشآت بأنه خرج وأهَّل كوادر وطنية يتهافت عليها سوق العمل. هل يجب أن يكون هو الخاسر الأكبر في هذه الحلقة. أبو سليمان كصاحب منشأة وجه دعم الدولة وحقق طموحاتها من هذا الدعم ألا يستحق أن يكون هناك برامج تدعم أبو سليمان والمخلصين أمثاله تجعله منيعا من خطر تسرب الموظفين. فهؤلاء هم من يفرزون الكوادر الوطنية المدربة لسوق العمل وهم أدوات القضاء على البطالة. تلك المنشآت تعلم أن العقد هو من يحكم وتعلم أنه في حال استقالة الموظف في منتصف مدة العقد فعليه أن يدفع باقي رواتبه أو ما نص عليه العقد، ولكنهم لا يريدون أن يتكبدوا عناء الملاحقة القانونية لهذا الموظف ولم تنشأ المنشأة لهذا الهدف فضلا عن أن لدى الموظف المخارج كثيرة إن أراد الخروج وكذلك هي في حال أراد صاحب العمل التخلص منه. فما الحل العادل لكلا الطرفين. كيف يستقبل أبو سليمان خبر استقالة موظفه بكل رحابة ويتمنى له التوفيق في مرحلته القادمة ويحل محله مستجدا يؤهله لسوق العمل ونبقي العجلة تدور والبطالة تضمحل دون أن يكون هناك غصة خسارة استثمار الجهد والمال والوقت. لماذا لا تكون نجاحات أبو سليمان في تأهيل الكوادر هي مصدر دخل له من المنشآت الكبيرة والحكومية التي تسعى إلى توظيف كوادره المدربة كمشغل مثلا. لماذا لا تتعاقد تلك المنشآت مع أبو سليمان لتدريب كوادرها وتأهيلهم كمحطة أولى بمقابل مادي أو شراء عقد الموظف في حال ثبت تقديم عرض لهذا الموظف من المنشأة الكبيرة أو الجهة الحكومية. لماذا لا يعفى من غرامات التأخير في المشاريع أو يعتبر مؤهلا فنيا من جوانب الموارد البشرية للدخول في المنافسات. لله درك يا أبو سليمان أعددت وأخلصت في كوادرك حتى أصبحوا كوادر يتنافس عليها سوق العمل.
@omaralsohime