طالبان أصبحت حكومة الأمر الواقع في أفغانستان. وتبدو الحركة استفادت من أخطائها وتغيرت. والنضج يفترض ألا ترتكب أخطاء منهجية كتهوراتها أيام كانت حركة أيديولوجية مراهقة ومتزمتة. وأعلنت طالبان نفسها أنها مختلفة عن النسخة الفائقة التطرف السابقة.
الآن خطاب طالبان مختلف، خالٍ من التهجم والانتقام. وبدأت، بخطوات صحيحة للتطمين، أولها عفو عام عن المسؤولين، وترحيبها بعلاقات مع دول العالم، وأن المرأة ستكون شريكة. وتصرف مسؤولوها بكثير من اللطف حين دخول كابل ولم يحيوا احتفالات نصر. ولم يتسرعوا لتشكيل حكومة سلطة منتصرة، ويصغون لآراء حكماء. وكل ذلك يعني أن الحركة قد تغيرت وأصبحت أكثر تحملاً لمسؤوليات الدولة الوطنية، مع احتمال ارتكاب حوادث اجتهادية (غير منهجية) في بدايات تشكيل السلطة.
إيران التي رسخت وجودها في أفغانستان، بمساعدة أمريكا، ستتودد لطالبان وتبتزها أيضاً. وربما تحرك ميليشيات أفغانية تابعة لها للضغط. فإيران لم تكن نائمة طوال العقدين الماضيين، إذ كانت تنسج شبكة مصالح مع الحكومة الأفغانية السابقة وطالبان والقاعدة وأمراء الحرب وحتى مهربي المخدرات، تحسباً لاضطراب الأوضاع في أفغانستان أو المساهمة في اضطرابها إذا تطلب الأمر.
ورأيي أن تبادر الدول العربية لمساعدة الأفغان، وحث الحركة على التعقل والصبر، وبسط حكم رشيد انتقالي، يبدأ بإجراءات لاستباب الأمن، وبدء برامج حقيقية للتنمية ومحاربة الأمراض والفقر، والعودة إلى المجتمع الدولي بروح مسؤولية الدولة وإدارة مصالح الأفغان بواقعية.
وتحتاج طالبان إلى مساندة سياسية، لاستقرار حكمها، وهذه المساندة السياسية موجودة بصفة خاصة لدى باكستان أولاً، والمملكة العربية السعودية ثانياً، ثم بلدان جوار وبلدان أخرى. ولن تحل محل باكستان والمملكة أية دولة أخرى، بما فيها روسيا والصين والهند وإيران وتركيا.
* وتر
أرض النار والحروب.. والنائحات..
مصنع الإمبراطوريات..
إذ أسفار التاريخ تكتب بالدم وشموس الشرق
ودروب الحرير تشق الشاهقات والسنابل
فيما حقول هلمند الخضر، تشكو طعون الجفاف
@malanzi3