ويرى هوفمان في تحليل نشره مجلس العلاقات الخارجية، «أن الرد الأمريكي على هجمات سبتمبر حقق نجاحات بارزة، وأيضا إخفاقات كارثية، وأنه مع ذلك فإن التهديد الإرهابي الأخطر حاليا، داخلي وليس خارجيا».
وفي معرض حديثه عن تنظيم القاعدة وفروعها والتهديد الذي تشكله لأمريكا والعالم، قال هوفمان: ليست القاعدة اليوم كما كانت قبل عقدين، وبعيدا عن بعض الاستثناءات المهمة، مثل أيمن الظواهري، وسيف العدل، الضابط السابق في الجيش المصري، والخليفة المحتمل للظواهري، لقي تقريبا جميع قادة القاعدة حتفهم، أو تم اعتقالهم، فقد قتل سبعة من كبار قادة التنظيم منذ 2019 ويتردد حاليا أن الظواهري نفسه يعاني من تدهور حالته الصحية.
ويشير أحدث تقرير لفريق المراقبة التابع للأمم المتحدة إلى أن القاعدة تنمو في قارة أفريقيا دون عائق، وأن التنظيم قد رسخ أقدامه في سوريا، وهو يوجد الآن في 15 ولاية أفغانية، على الأقل، فضلا عن علاقاته المتواصلة مع حركة طالبان المسلحة.
وفيما يتعلق بالنجاحات الأعظم، والإخفاقات التي سجلتها أمريكا في مكافحتها للإرهاب على مدار عشرين عاما، يرى هوفمان «أن النجاح الأول كان إحباط جميع محاولات القاعدة لتنفيذ هجمات أخرى داخل أمريكا»، أما وجه الفشل الأسوأ، بلا أي شك، فقد كان غزو العراق في 2003، الذي شهد تحويل موارد أساسية بعيدا عن جهود القضاء على القاعدة في جنوب آسيا، في أفضل فرصة أتيحت لذلك.
كما أسفر غزو العراق، بغير قصد، عن سلسلة من الأحداث التي أدت بدورها إلى ظهور تنظيم (داعش)، الذي يمثل نسخة أكثر عنفا وانفلاتا.
وعن أهم التحولات التي شهدها جهاز الأمن القومي الأمريكي منذ 2001، قال هوفمان: إن البيروقراطية الواسعة في مكافحة الإرهاب، التي نشأت عقب هجمات سبتمبر كانت التحول الأكبر، والأكثر رسوخا، وعلى سبيل المثال، كشف تحقيق أعدته صحيفة «واشنطن بوست» في 2010 عن وجود أرخبيل هائل لمكافحة الإرهاب، يضم نحو 1271 كيانا حكوميا و1931 من الشركات الخاصة.
ويقول هوفمان: إنه بالنسبة لحماية أي بلد ضد الهجمات الإرهابية، يتعين تقدير ما يكفي لتحقيق ذلك، وتشير الدلائل إلى أن أمريكا ربما بالغت في رد الفعل على هجمات سبتمبر، من خلال التكرار، أو منح صلاحيات واسعة لهيئات مختلفة.
والأمر المؤسف في نظر هوفمان هو أن التهديد الإرهابي الذي تواجهه الولايات المتحدة قد صار داخليا، بعدما كان خارجيا لنحو عقدين بعد 11 سبتمبر، وهو ما ظهر جليا في أعمال الشغب التي استهدفت مبنى الكونغرس الأمريكي (الكابيتول) في 6 يناير 2021، ولكن التهديدات التي يشكلها تنظيما القاعدة و(داعش) لم تنته بعد.
ويحذر هوفمان في ختام تحليله من «أن الانقسامات الحزبية المريرة في أمريكا، قد تقوض تنفيذ إستراتيجية محكمة لمكافحة الإرهاب»، حيث لم تعد هناك عناصر الوحدة والهدف المشترك والمصير المشترك، التي وحدت الصفوف عقب هجمات سبتمبر، بل على النقيض من ذلك، يمكن لمناخ الاستقطاب السياسي الحالي أن يصيب الحكومة بشلل فعلي فيما يتعلق بالاستعداد للجيل القادم من التهديدات.