ومضى يقول: يشعر العديد من المحللين الهنود بسعادة غامرة لأن خطط طالبان محكوم عليها بالفشل، حيث إن أمر الله صالح، النائب السابق للرئيس المخلوع أشرف غني، في مسيرة لحشد حركة مقاومة مناهضة لطالبان، على غرار التحالف الشمالي في أواخر التسعينيات.
وتابع: كان من المفترض أن يكون الهواء البارد للواقعية قد علمهم درسا مريرا الآن؛ وهو أن التفكير بالتمني لا يترجم إلى واقع.
وأردف: وادي بنجشير هو مادة الفلكلور، حيث واجه الجيش السوفييتي مقاومة شرسة لأول مرة بعد تدخله في أفغانستان عام 1980، ويستغل صالح هذه الرومانسية.
الطريق الضيق
وأضاف الدبلوماسي الهندي السابق: لكن وادي بنجشير الجميل الذي يبلغ طوله 150 كيلو مترا، وهو عبارة عن شريط من الأرض تحيط به الجبال الشاهقة من 3 جهات، ولديه طريق ضيق واحد فقط يؤدي إلى الجنوب باتجاه كابول، تسيطر على مخيلته الأسطورة ويحمل أيضا بعض الأسرار المظلمة.
ومضى يقول: بداية، الأسطورة هي أن الجيش الأحمر واجه هزيمة ساحقة في بنجشير، لكن الحقيقة هي أن الحملة السوفييتية في بنجشير كانت عبارة عن سلسلة من المهام العقابية القصيرة والهشة خلال الفترة 1980-1985، التي انتهت بشكل غير حاسم إلى حد كبير بسبب تغيير القيادة في موسكو، نذكر أنه بحلول عام 1986، أعلن ميخائيل جورباتشوف عن نيته سحب الوحدة السوفييتية من أفغانستان.
وأردف يقول: لكن ما هو أقل شهرة هو الصفقة التي أبرمتها المخابرات السوفييتية (كي جي بي) في الحقبة السوفييتية مع أحمد شاه مسعود، حيث أنهى الجيش السوفييتي حملته وامتنع رجال مسعود عن مهاجمة القواعد السوفييتية في بنجشير، وأيضا عن تعطيل الحركة العسكرية عبر نفق سالانج، الذي ربط كابول بالمنطقة العسكرية الجنوبية لأوزبكستان السوفييتية ومقرها في ترميز، حيث تمت إدارة العملية الأفغانية بأكملها.
وتابع: صمدت تلك الصفقة بين الطرفين حتى الانسحاب السوفييتي في 1989 رغم محاولات الحكومة الأفغانية المتكررة لتقويضها، في الواقع، انسحبت أرتال الجيش السوفيتي أخيرا من كابول بسلام في عام 1989 عبر نفق سالانج.
أم الأساطير
وأردف كاتب المقال: كانت أم كل الأساطير هي «المقاومة» في أواخر التسعينيات تحت راية ما يسمى بالتحالف الشمالي، الذي كان بمثابة منصة غير عملية للجماعات المشاكسة، لقد استمرت في خسارة الأراضي لصالح طالبان، ولولا التدخل الأمريكي في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، لكانت طالبان قد حققت انتصارا كاملا.
وبحسب الكاتب، دعمت 3 دول إقليمية رئيسية التحالف الشمالي، ولكن من أجل ذلك، كان التحالف سينهار.
وتابع: يكفي القول «إن المخابرات الروسية لها صلات قديمة في بنجشير»، وفي السياق الحالي، لا تستطيع موسكو ببساطة السماح لمقاومة أخرى مناهضة لطالبان بإفساد الوضع الأمني، لأن ذلك لن يعمل إلا لصالح تنظيم (داعش)، الذي له وجود كبير في شمال أفغانستان المتاخم لآسيا الوسطى.
وأردف: يجب أن تدرك موسكو جيدا أن صالح هو من صنيعة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، التي دربته كعنصر استخباراتي وأخذته بمرور الوقت إلى المراتب العليا في هيكل القوة الأفغانية باعتباره «رجلها في كابول».
وأضاف: لذلك، عندما يتحدث صالح عن «المقاومة»، فإنه تعبير ملطف لعودة الولايات المتحدة إلى أفغانستان لتلعب اللعبة الطويلة ضد روسيا والصين وإيران.
واستطرد بقوله: مرارا وتكرارا، سيواجه صالح مشكلة في حشد البنجشير خلفه، بنجشير هي «خلية نحل» للسياسات الحزبية، حتى عندما كان مسعود على قيد الحياة، كان مساعدوه يقوضون بعضهم بعضا، بعد اغتياله في 2001.
ظروف غامضة
وأردف الدبلوماسي الهندي: اغتيل عبدالرحمن في ظروف غامضة في مطار كابول عام 2002، وتوفي محمد فهيم، وتم تهميش يونس قانوني، الأذكى منهم، وعبدالله عبدالله اختار أن يكون مغامرا وحيدا.
وتابع: لذلك، ليس من المستغرب أن طالبان طلبت مساعدة روسية لتسهيل إصلاح الأمور مع هؤلاء البنجشيريين الذين قد يكونون قابلين للمصالحة، مثل قانوني، أخوي مسعود الأصغرين وابنه أحمد مسعود، من المتصور تماما أن تقدم طالبان صيغة ما لتقاسم السلطة.
وأضاف: طالبان براغماتية للغاية وستعتبر أنه من الهدر استئناف الهجوم العسكري للسيطرة على بنجشير، كان تفضيل طالبان، تاريخيا، هو الإبقاء على الخيار العسكري كملاذ أخير.
ووصف ذلك بالخطوة الذكية من قبل طالبان، التي يبدو أنها تعرف تاريخ التعاملات الروسية السرية مع بنجشير، أما بالنسبة لروسيا، فهذه فرصة عظيمة لتوجيه تشكيل الحكومة المؤقتة في كابول.
ونوه إلى أن القلق الرئيسي لروسيا هو منع جولة أخرى من الأعمال العدائية في هذه المرحلة، لأن ذلك لا يمكن أن يعمل إلا لصالح داعش، وتخشى روسيا صراعا آخر يشبه سوريا على أعتاب منطقة آسيا الوسطى، ففي التصور الروسي، داعش هي أداة جيوسياسية للولايات المتحدة.
وأكد أن الصورة الكبيرة هي أن موسكو تشجع تشكيل حكومة مؤقتة في كابول في أسرع وقت ممكن.
واختتم بقوله: إذا أمكن التوصل إلى ترتيب لتقاسم السلطة، فإنه سيعزز الشرعية الدولية للحكومة الجديدة، التي بدورها ستسهل الاعتراف الدبلوماسي بها من قبل روسيا والصين وإيران ودول آسيا الوسطى، من بين دول أخرى، لذلك، فإن مصالحة طالبان مع وادي بنجشير يمكن أن تغير قواعد اللعبة.