عندما فكر الصينيون في حماية بلادهم من الغزاة والمتسللين قاموا بإنشاء السور العظيم، الذي يعد اليوم من عجائب الدنيا السبع، ورغم ارتفاع السور وصلابته لم يحمهم، لأن بعض الحراس على بواباته لم يكن لديهم حس وطني بأهمية دورهم، وغلبت عليهم الأنانية والمصالح الشخصية على الأمن القومي مما سهل على الغزاة شراء الذمم، ومن يتأمل الجهود الجبارة، التي تقوم بها وزارة الداخلية في جميع الإدارات وتكاتف رجال الأمن -وفقهم الله- لحماية الوطن مواصلين الليل بالنهار يذكرونا بالسور الصين العظيم، وفي المقابل ما يقوم به بعض المواطنين وليسوا قلة ممن غلّب المصالح الشخصية على مصلحة وأمن الوطن كحراس سور الصين؛ لأنهم أصبحوا عونا لإيواء المخالفين ونقلهم من حدود البلد إلى مدن المملكة لأن بريق الريالات على كل رأس كان كفيلا في شراء الوطنية إن كان عندهم وطنية أصلا!، وهناك مَنْ تلاعب بالتأشيرات حتى لا يدفع المقيم (تأشيرة فني) حولوا التأشيرات إلى مهن خدمية كحراس وسائقين ومزارعين ورعاة (ونثروهم) في البلد، وآخرون عاشوا على فتات التستر فاتحين أبواب الاستثمار على مصراعيها للوافد، والبعض استغل سهولة استخراج السجل التجاري فبدل أن يقوم على عمله، الذي سهلته له الدولة سلم السجل التجاري على طبق من ذهب للمقيم، الذي وعده بالثراء دون عناء. وفي هذا الجانب، هناك قصص مبكية راح ضحيتها شباب بعد أن سلموا تلك السجلات التجارية لغيرهم من الوافدين فكسبوا الملايين وغادروا البلاد تاركين مبالغ طائلة على شكل مديونيات على ظهور مَنْ وثق بهم، ولذا نشاهد البلد يعاني من تزايد العمالة المخالفة للأنظمة أو عمالة مقيمة لكنها تحمل تأشيرات مخالفة لأنظمة العمل.
ما تقوم به وزارة الداخلية تحت شعار (وطن بلا مخالفين) لن تنجح ما لم يتعاون المواطنون، وننتظر من الوزارة أن ترحل كل مواطن متواطئ أو متعاون أو متستر أو متلاعب في مسميات التأشيرات إلى (أبو زعبل) ليكتمل الشعار ويصبح كالآتي (وطن بلا وافدين مخالفين ولا مواطنين متخاذلين)!
لا يحق لأي شخص أن يتهم الآخرين في وطنيتهم، ولكن للمواطنة مقوماتها من ولاء وانتماء وحب وعطاء، وهل هناك تفسير لوجود العدد الهائل من مخالفي أنظمة الإقامة مع كل حملة أمنية، ولو لم يكن هناك تعاون أو تهاون أو تستر من قبل بعض المواطنين، لما كانت نتيجة الحملة الأمنية الميدانية في شهر واحد فقط القبض على أكثر من سبعين ألف مخالف، منهم (24753) مخالفًا لنظام الإقامة، و(40828) مخالفًا لنظام أمن الحدود، و(5423) مخالفًا لنظام العمل. هنا ومن خلال تصرفات البعض السابقة من حقنا التشكيك في مواطنتهم.
رحم الله الأمير نايف عندما قال: (المواطن رجل الأمن الأول)؛ لأنه عندما يتعاون المواطنون مع رجال الأمن من منطلق الحس الأمني يسهل القضاء على المخالفين للأنظمة من الوافدين والمخالفين للنظام من المواطنين.
وعندها سنجد المواطن والمقيم يعملان بطريقة نظامية يجد فيها المواطن الفرص للعمل والاستثمار، ويجد المقيم الوضوح فيما له من حقوق وما عليه من واجبات.
وحتى لا تبقى الوطنية عبارة عن شعارات فقط كقولنا (وطن لا نحميه لا نستخق العيش فيه) دون أن تكون هناك أفعال نترجمها على أرض الواقع، وأهمها أن نكون حراس أمن على بوابات أسوار الوطن، وسندا لرجال أمنه، الذين هم بمثابة السور المنيع (حفظك الله يا بلدي).
Saleh_hunaitem@