من الطبيعي أن يتطلب بدء عام دراسي جديد يلتحق فيه عشرة ملايين طالب وطالبة أو يزيد في آلاف المؤسسات التعليمية بمراحلها المختلفة من مرحلة الطفولة المبكرة حتى المراحل الجامعية من الطبيعي أن يتطلب ذلك استعدادات درجت وزارات التعليم والتعليم العالي في بلادنا كما هو في سائر بلاد العالم على اتخاذها قبل بداية كل عام دراسي سعيا لتهيئة الظروف وحشد الطاقات والإمكانيات التي تكفل حسن سير العملية التعليمية على المستوى المطلوب. وفي بلادنا بشكل خاص لا تتوقف عملية متابعة هذه الاستعدادات على وزارة التعليم وإداراتها المختلفة فقط، بل إن ولاة الأمر وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين يتابعون كل هذه العملية التي تقع في مقدمة اهتماماتهم حيث يولون -يحفظهم الله- التعليم ومؤسساته أقصى درجات الرعاية والاهتمام، ويأمرون على الدوام بتخصيص الموارد المالية، وتوفير الكوادر البشرية، والتقنيات التعليمية، والأبنية المدرسية والجامعية لتوفير بيئة تعليمية مناسبة ومحفزة للطلبة، وينبع ذلك من رؤية عميقة لديهم لدور التعليم في بناء الوطن ومستقبله ومستقبل أبنائه. ويأتي بدء العام الدراسي هذه الأيام بعد عامين استثنائيين شهدا ظروفا طارئة بسبب جائحة كورونا التي عمت المملكة والعالم، وتطلب التعامل معها إجراءات غير عادية استطاعت بلادنا بشهادة المراقبين المنصفين أن تحافظ على استمرار العملية التعليمية وعلى سلامة الطلبة والمعلمين بالتحول السريع والشامل إلى نمط التعليم عن بعد الذي ساعد على نجاحه وجعله البديل المتاح والخيار المناسب لاستمرار العملية التعليمية، وعدم إضاعة عام أو أكثر من أعمار طلبتنا ساعد على ذلك الاستجابة السريعة لمتطلبات هذا التحول المادية والبشرية التي وفرتها الدولة بأقصى سرعة إضافة إلى ما سبق حلول الجائحة بوقت طويل من توافر البنى التحتية للتعليم الإلكتروني وتدريب آلاف المعلمين على الإستراتيجيات التي تلائم هذا النوع من التعليم عن بعد، ومع ذلك فإن هذا العام الذي أمكن فيه لطلاب مراحل التعليم المتوسط والثانوي والجامعي العودة إلى التعليم الوجاهي التي عملت كل الجهات ذات الصلة على توفيرها بما في ذلك ضوابط هذه العودة والاستمرار في الإجراءات الاحترازية ومتابعة تنفيذها، والدقة في ضوابط سير العملية التعليمية، ووضوح إجراءات العمل عند ظهور بعض الإصابات -لا سمح الله- ولو كانت في أضيق الحدود انطلاقا من توجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين بأن تظل سلامة الطلاب والطالبات والمعلمين والمعلمات والمواطنين والمقيمين هي الاعتبار الأول في جميع الأحوال إضافة إلى تجهيز الأبنية المدرسية في وقت مبكر لهذا الحدث، وتوفير المقررات الدراسية، واستمرار عمل المنصات التعليمية الإلكترونية لتستفيد منها الفئات التي لا تستطيع الالتحاق بالتعليم الوجاهي لأي سبب، وإيجاد الوسائل التي تكفل للطلبة الذين لا يتمكنون من هذا التعليم من متابعة الدروس حتى تتوافر الظروف التي تسمح بعودتهم للانتظام فيه، وكذلك تطبيق آليات التعليم عن بعد في مرحلة الطفولة المبكرة إلى حين استكمال تطعيم الطلاب في جميع الأعمار. لقد استطاعت بلادنا بعون الله اجتياز المرحلة الأكثر صعوبة عندما داهمت الجائحة العالم على حين غرة، واستمر هذا النجاح في انتهاج سياسات تكفل استمرار التعليم إضافة إلى مكافحة المرض ووصول الجرعات التي تم إعطاؤها للمواطنين والمقيمين إلى حوالي (35) مليونا وصولا إلى المناعة المجتمعية قريبا -بإذن الله- ليكون هذا الوطن من أوائل البلاد التي تخرج من هذا الامتحان، كما أنه سيكون أيضا كما كان دائما من أكثر البلدان عطاء لغيره وعونا لهم في الملمات تمتد يده للمساعدة في اجتياز الجائحة للدول الشقيقة والصديقة ليس بالمساعدات الإنسانية فقط، بل وباللقاحات والأدوية وكافة أشكال المساعدة، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.
@Fahad_otaish