وتابع: أدى اشتعال 2750 طنا من نترات الأمونيوم إلى تدمير منطقة ميناء بيروت بالكامل، قبل أن يمزق على الفور بقية المدينة، قتل بسبب الحادث ما لا يقل عن 220 شخصا، وأصيب أكثر من 5000 شخص، وتعرض ما يقدر بنحو 300 ألف شخص للتشريد.
وأضاف: لقد كانت ضربة مدمرة لدولة تعيش بالفعل أزمة اقتصادية متفاقمة، وتحكمها مجموعة من النخب السياسية الفاسدة التي تسعى إلى تحقيق مصالحها الذاتية.
وأردف يقول: في ذلك الوقت، بدا العالم وكأنه يلتف حول لبنان، تم تقديم وعود بالمساعدة. وتحت ضغوط داخلية ودولية هائلة، قامت حكومة الرئيس ميشال عون أخيرا بما هو صواب واستقالت، بدا الأمر كما لو كان التغيير قادما، بدا الأمر وكأن ذلك الانفجار المدمر يمكن أن يكون نقطة تحول في تاريخ لبنان الحديث.
وأضاف: لكن بعد مرور عام، فإن الشيء الوحيد الذي تغير هو أن العالم لم يعد يولي اهتماما رغم أن أزمة لبنان مستمرة. نظرة وسائل الإعلام الآن في مكان آخر.
نفس السياسيين
واستطرد بقوله: لا يزال نفس السياسيين ونفس الفصائل في السلطة بعد عام من الاستقالة الجماعية للحكومة الأخيرة، ولا يزال يتعين تشكيل حكومة جديدة.
وأشار إلى أن السبب في ذلك هو أن «حزب الله» والفصائل السياسية المتنوعة السنية والشيعية والمسيحية التي تشكل الطبقة السياسية اللبنانية لا تزال تتجادل حول توزيع الوزارات.
وتابع: بينما يتشاجرون حول من سيحصل على أي جزء من الإقطاعية، تفاقمت كل مشكلات لبنان التي مضى عليها عقود، ليس من المبالغة القول إن هذا مجتمع على حافة الهاوية.
ومضى يقول: أفادت الأنباء في الأيام الأخيرة أن شبكة المياه في لبنان على وشك الانهيار، في 21 أغسطس، قالت المديرة التنفيذية لليونيسف هنريتا فور: «إن أكثر من 4 ملايين شخص من أصل 7 ملايين نسمة يواجهون احتمال حدوث نقص حاد في المياه أو انقطاع تام في إمدادات المياه الصالحة للشرب في الأيام المقبلة».
ونوه بأن سبب النقص الحاد في المياه والناتج عن عدم وجود طاقة كافية لتشغيل محطات الضخ والآبار في لبنان، يشير إلى مشكلة حادة أخرى، وهي نقص الوقود لأي شيء.
ولفت إلى أن هذا يؤثر على كل جزء من الحياة اليومية اللبنانية، حيث يتعفن الطعام في الثلاجات الدافئة، ولم تعد وحدات تكييف الهواء توفر الراحة من الحرارة الشديدة، وأصبح العثور على البنزين، ناهيك عن توفيره، شبه مستحيل.
ومضى يقول: أدى التضخم المفرط وقرار البنك المركزي اللبناني بخفض دعم الوقود الذي استنزف احتياطي العملة في البلاد ببساطة إلى ارتفاع أسعار الوقود إلى درجة يصعب على اللبنانيين تحملها، وهكذا تتوقف البلاد، وتتعرض البنية التحتية الأساسية والحيوية، من الرعاية الصحية إلى النقل، للتدمير الفعلي أمام أعين اللبنانيين.
السقوط الحر
وتابع: بكل المقاييس، هذه دولة في حالة سقوط حر، تشير التقديرات إلى أن أكثر من نصف السكان يعيشون الآن تحت خط الفقر، ارتفع معدل التضخم السنوي من 10% في يناير من العام الماضي إلى 157.9% في مارس من هذا العام، وارتفعت البطالة من 28 % في فبراير 2020 إلى ما يقرب من 40% أواخر العام الماضي.
وأكد أنه يجب إلقاء اللوم في كل ذلك بشكل أساسي على الطبقة السياسية الفاسدة في لبنان.
وأشار إلى أن هذا التحالف غير المقدس من الفصائل الدينية والسياسية المتنوعة، التي شكلت السلطة فيما بينها بعد الحرب الأهلية والصراعات اللاحقة، أصبح يحكم بالكامل تقريبا من أجل مصالحه الخاصة.
وأردف: من خلال شبكة المحسوبية، تمتع أعضاء هذا التحالف بسنوات من التمويل الحكومي بينما سقطت الخدمات العامة في حالة سيئة، حتى إنه كان هناك مكتب سكك حديدية مزود بعدد كبير من الموظفين، رغم عدم وجود سكة حديد وطنية عاملة في لبنان لسنوات.
وأضاف: لكن بالمعنى الحقيقي، تم تشجيع هذه النخبة الفاسدة على التصرف بهذه الطريقة من خلال تدفق المساعدات الدولية على مدى العقدين أو الثلاثة عقود الماضية، ويقدر أنها أكبر من حيث القيمة الحقيقية من خطة مارشال.
وتابع: قد أدى ذلك إلى نمو دولة مثقلة بالديون بشكل كبير، تعتمد على المساعدات، كانت المساعدات أقل اهتماما بدفع لبنان إلى الأمام بقدر اهتمامها بإثراء مكوناته، ومن هنا تأتي الحجج اليوم بين الطبقة السياسية اللبنانية حول أي فصيل يحصل على أي جزء من الكعكة.
وعد «الصندوق»
وأردف: بعد انفجار المستودع العام الماضي، وعد صندوق النقد الدولي ودائنون آخرون بإنقاذ الدولة اللبنانية مرة أخرى، لكنهم فعلوا ذلك بشرط أن تقوم الطبقة السياسية اللبنانية بإصلاحات معينة لنظام الحكم فيها، وقد رفضت حتى الآن القيام بذلك.
وبحسب الكاتب، فإن تلك الطبقة على ما يبدو تلعب لعبة الدجاج القاتل مع المقرضين الدوليين.
وأضاف: كلا الجانبين يتقبل فكرة أن الكارثة قادمة، لكن حتى الآن لم يرغب أي منهما في التراجع والتنازل عن الكثير من الأرض، تقدم أمثال فرنسا بعض المساعدة، لكنها تواصل المطالبة بإصلاح سياسي جوهري في المقابل، ويستمر قادة لبنان في المطالبة بالكثير من المساعدة، وإلا.
وأشار الكاتب إلى أن «إلا» هذه هي انهيار لبنان، مضيفا: لقد حول رئيس الكتلة النيابية الأكبر في لبنان جبران باسيل، ورئيس الوزراء حسان دياب عمليا انهيار لبنان إلى تهديد.
وأوضح أنهما يشيران بحق إلى أنه نظرا لأن لبنان أصبح الآن موطنا لأكثر من 1.5 مليون لاجئ سوري، فإنه إذا انهار فمن المحتمل أن يتجه هؤلاء اللاجئون إلى أوروبا.
وتابع: يقولان للاتحاد الأوروبي، ولصندوق النقد الدولي «إنه ما لم يرسلوا مساعدات، ما لم يقوموا بتشغيل صنابير الائتمان مرة أخرى، فإن لبنان سينهار وستعاني أوروبا».
وأوضح أن النتيجة هي مواجهة بين الطبقة السياسية المخزية في لبنان وتلك الدول الغربية التي تمسك بمفاتيح البنك.
وأردف: يريد أحد الطرفين الحفاظ على سلطته السياسية في لبنان، والطرف الآخر يريد تأكيد بسط سيطرته على البلد، لكن الشعب اللبناني، الذي يعاني بشدة، هو الذي يحتاج حقا إلى السيطرة، إن تمكينهم هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الفوضى المأساوية.