DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

«شعبوية ترودو».. مناورة انتخابية من شأنها الإضرار بكندا

تصاعد الحمائية والانحلال المؤسسي يهدد سياسة الدولة بتشوهات دائمة

«شعبوية ترودو».. مناورة انتخابية من شأنها الإضرار بكندا
«شعبوية ترودو».. مناورة انتخابية من شأنها الإضرار بكندا
محتجون في بولتون ينتظرون زيارة ترودو إلى مدينتهم والتي ألغيت بسبب مخاوف أمنية (رويترز)
«شعبوية ترودو».. مناورة انتخابية من شأنها الإضرار بكندا
محتجون في بولتون ينتظرون زيارة ترودو إلى مدينتهم والتي ألغيت بسبب مخاوف أمنية (رويترز)
وافق إعلان رئيس وزراء كندا، جاستن ترودو، مؤخرًا عن إجراء انتخابات مبكرة في 20 سبتمبر، بعد أقل من عامين من آخر انتخابات، إجراءات اعتبرها البعض تميل إلى «الشعبوية» التي ستنعكس أضرارها على اقتصاد البلاد.
ويقول المحلل والخبير الاقتصادي، مايكل آر ستراين، في تقرير نشرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء إن ترودو سيرفض أي ادعاء بأن أسلوبه القيادي يماثل أسلوب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أو رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، ولكن ستراين يرى أنه في جانب واحد، على الأقل، تقترب المقارنة من إصابة هدفها.
استعادة الأغلبية
ويقول الكاتب: إنه من أجل استعادة حكومة الأغلبية التي خسرها حزب ترودو الليبرالي في انتخابات عام 2019، ينخرط رئيس الوزراء حاليا في تحركات شعبوية التي، إذا تم التصرف بناء عليها، يمكن أن تضر بالأداء الاقتصادي لكندا.
ولنتأمل هنا ما حدث الأسبوع الماضي، حيث تعهد رئيس الوزراء أولا بمنع الأجانب من شراء منازل لمدة عامين، فى محاولة لتهدئة أسعار المنازل الكندية. وقال ترودو: إن الهدف هو «لا مزيد من الثروة الأجنبية المتوقفة في منازل ينبغي أن يعيش فيها ناس».
وفي اليوم التالي، أعلن ترودو خطة لفرض ضريبة إضافية بنسبة 3 % على أكبر المؤسسات المالية الكندية، ورفع أعلى معدل لها من 15 % إلى 18 %، وينطبق ذلك على الأرباح، التي تزيد على مليار دولار كندي (793 مليون دولار أمريكي) التي تحققها المصارف الكبرى وشركات التأمين.
ويقول ستراين: إنه سواء نشأت هذه المقترحات من اليمين أو اليسار، فإنها سوف تأتي بنتائج عكسية، وتخنق النمو وتحول الانتباه عن الحلول، التي من شأنها أن تساعد في الواقع في حل المشاكل، التي يهتم بها الشعب.
وينبغي أن تكون معدلات ضريبة الشركات موحدة بين الصناعات للسماح بأن تكون قرارات الاستثمار مدفوعة باعتبارات اقتصادية، وليس بالسياسة الضريبية، ومن خلال خفض الأرباح بعد الضرائب، مقارنة بالصناعات الأخرى، من شأن الضريبة الإضافية، التي فرضها ترودو أن تؤدي إلى عدم كفاءة الاستثمار، الأمر الذي من شأنه أن يضر بإنتاجية القطاع المصرفي، والاقتصاد بشكل عام، بحسب ستراين.
إعاقة النمو
ويقول الباحث الأمريكي أيضا: إن ما يزيد الأمور سوءا هو أن الضريبة الإضافية لن تنطبق إلا على كبرى البنوك وشركات التأمين في البلاد، مما يجعل منها عائقا أمام النمو، ويمكن القول إنها تستهدف أنجح المؤسسات المالية في كندا، ويضيف الكاتب: إن «معاقبة النجاح فكرة سيئة».
وأشار ستراين إلى أن القيود، التي اقترحها ترودو على شراء المنازل من قبل المشترين غير الكنديين تهدف إلى تحسين القدرة على تحمل التكاليف، ولطالما شعر الكنديون بالغضب من قصص المستثمرين من الصين وهونغ كونغ، الذين يشترون العقارات في فانكوفر، ويرفعون قيمتها هناك وفي مدن أخرى، وكذلك المضاربة الأجنبية في خيارات الإسكان الأرخص ثمنا، وفرضت تورونتو وفانكوفر بالفعل ضريبة بنسبة 15 % و20 % على الترتيب، على شراء المنازل من قبل الأجانب، ومع استمرار ارتفاع أسعار المساكن، دعا ترودو إلى فرض حظر لمدة عامين على مثل هذه المشتريات.
وليس الأمر كما لو كان ترودو يفتقر إلى مقترحات أكثر موضوعية لمعالجة المشكلة، بما في ذلك الوعد بزيادة عدد المنازل، ولكن هذه الأفكار لا تحصل على أعلى التقييمات، حتى على الرغم من أنها من المرجح أن تكون أكثر فعالية بكثير، وإلقاء اللوم على الأجانب في المشاكل الداخلية أكثر جاذبية من الناحية السياسية.
ويقول ستراين: إن مما لا شك فيه أن مقترحات ترودو لملاحقة الشركات الكبرى والأجانب، نيابة عن «الشعب»، بعيدة كل البعد عن استفزازات بوريس جونسون، الذي كان شخصية بارزة في قرار بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي، أو ترامب، الذي شوه صورة المهاجرين ودافع عن الحمائية في مجال التصنيع الأمريكي.
الحكم الشعبوي
وقال ستراين: «نعلم أن الحكم الشعبوي سيئ للأداء الاقتصادي»، مشيرًا إلى تقرير حديث، درس من خلاله الاقتصاديون مانويل فونكي وموريتز شولاريك وكريستوف تريبيش، 118 عاما من البيانات في 60 بلدا، بينها كندا، ومن بين ما يقرب من 1500 رئيس ورئيس وزراء، حدد الباحثون 50 شخصا كشعبويين.
ووضع الخمسون شخصا هؤلاء، الصراع المزعوم بين «الشعب» و«النخب» في قلب حملتهم وأسلوب حكمهم.
ووفقا للاقتصاديين الثلاثة، ترامب يناسبه هذا الوضع، بخلاف ترودو، ووجد الخبراء أن الدول تفقد حوالي نقطة مئوية واحدة من النمو الاقتصادي سنويا بعد وصول شخص شعبوي إلى السلطة، وخلصوا إلى أنه بعد عقد ونصف العقد، كان الدخل القومي للشخص الواحد أقل بنسبة 10 % مما كان يمكن أن يكون عليه لو لم يصل شعبوي إلى رأس السلطة.
وقالوا: «إن تصاعد القومية الاقتصادية والحمائية، وسياسات الاقتصاد الكلي غير المستدامة، والانحلال المؤسسي في ظل الحكم الشعبوي، يلحق أضرارا دائمة بالاقتصاد».
وربما كانت مقترحات ترودو مجرد موقف سياسي، يهدف إلى مساعدته في اجتياز انتخابات 20 سبتمبر، ولكن إذا نجح حزبه، فعليه أن يفكر كثيرا قبل الاستمرار في مغازلة هذا النمط من القيادة، حيث «إن إعادة الجني الشعبوي إلى الزجاجة أمر صعب للغاية، ويمكن أن يسبب ضررا كبيرا بمجرد انطلاقه».