في المقال الذي نشرته الأسبوع الماضي أكدت ما يتفق فيه معي الكثير من التربويين وأولياء الأمور أن العام الدراسي الذي كان المقال بمناسبة بدئه هو عام استثنائي بسبب الظروف التي سبقته والتي فرضت نوعا مختلفا من التعليم هو التعليم عن بعد، ومع أننا أشرنا في نفس المقال إلى أن التجربة السعودية في التحول إلى هذا النوع من التعليم مع أنه كان تحولا مفاجئا هي تجربة جديرة بالتقدير والاحترام، بل يمكن القول إنها من أنجح التجارب التي قامت بها دولة في نفس الظروف التي فرضت نفسها على دول العالم كافة، وهو ما يمكن قوله عن سائر الحلول التي أوجدتها بلادنا لمواجهة وباء كورونا ليس في مجال التعليم فقط، بل وفي المجال الطبي بشقيه العلاجي والوقائي وكذلك في مجال الإجراءات والمبادرات الاجتماعية والاقتصادية التي ساهمت في تخفيف الآثار السلبية لظروف الجائحة على سائر القطاعات الاقتصادية وعلى العاملين والموظفين والشركات وعلى المواطنين والمقيمين الأفراد أيضا، ومن ذلك مساهمة الدولة في دفع أجور بعض العاملين وإلغاء بعض الرسوم المستحقة على الشركات والأفراد بما في ذلك غير السعوديين وتقديم الحلول المناسبة للمشاكل الناتجة عن الإغلاق والتي تتعلق بتأشيرات الخروج والعودة والإقامة، خاصة لمن اضطرتهم الظروف للبقاء خارج المملكة. هذه النجاحات كلها لا شك أنها تحتاج الاستمرار في متابعتها لمواجهة ذيول الجائحة التي ما زالت تؤثر على بعض القطاعات ومنها التعليم حيث إن المعلمين والمعلمات وكذلك المؤسسات التعليمية سواء في التعليم العام أو الجامعي والعالي فإنها مطالبة باستقصاء الآثار السلبية الناجمة عن التعليم عن بعد الذي لم يكن كما قلنا خيارا وإنما أسلوبا فرضته الظروف، وحتى تكتمل النتائج الإيجابية للخطط والإجراءات السعودية التي تم اتباعها خلال الفترة السابقة منذ حلول الجائحة حتى الآن فإنه لا بد من اتخاذ إجراءات تكميلية للتعرف على السلبيات ووضع الحلول التربوية لمعالجتها، خاصة فيما يتعلق بالفاقد التعليمي الناتج عن الظروف الطارئة في المرحلة الماضية. وإذا كانت الاختبارات التشخيصية ضرورية للتعرف على التعلم القبلي لدى التلاميذ ومدى إتقانهم لهذا التعلم وما يملكونه من معارف ومهارات يمكن أن يبنى عليها التعلم اللاحق إذا كان ذلك ضروريا حتى في الظروف العادية قبل الانتقال بالمتعلمين إلى معارف ومهارات جديدة فإنه في الظروف التي نعيشها الآن هو أكثر ضرورة وإلحاحا لذلك فإنه لا بد من متابعة مديري المدارس وأساتذة الجامعات لإجراء الاختبارات التشخيصية للطلبة والطالبات قبل البدء في التعلم الجديد وهو ما أعرف أن زملائي المعلمين والمشرفين يدركون أهميته ويحرصون عليه، وكذلك فإنه من المؤكد أن الأسرة ينبغي أن تضاعف جهودها في المتابعة بما يتناسب مع خصوصية المرحلة ومتطلباتها، ولا بأس أن يتابع المشرفون التربويون نتائج هذه الاختبارات التشخيصية ويشاركوا المعلمين في استخلاص نتائجها ووضع الخطط للاستفادة منها في التخطيط للتعلم الجديد مما سيساهم -بإذن الله- في تخطي أية آثار سلبية حصلت بسبب الظروف التي ندعو الله سبحانه وتعالى أن يجنب الوطن والأمة والبشرية كلها آثارها، وأن يكفينا جميعا شر هذا الوباء والبلاء لتنطلق مسيرة العمل في التعليم وفي سائر القطاعات كما كانت دائما من نجاح إلى نجاح -بإذن الله تعالى-.
@Fahad_otaish