لقد عانت الصورة من نقاش طويل وجدل كبير بين الفقهاء حول مفهوم إباحتها وعدم جوازها، وفسرت الأحاديث الكثيرة في تحريم كل ذي روح آدميا كان أو غيره، والأمر بطمس الصور ولعن المصورين وبيان شدة العذاب لهم، ولم يستطع جمهور العلماء الإجابة بواقعية ومنطقية عن أسئلة الناس حول تهويل حرمتها واجتنابها ضمن معيار الإثم والمنفعة في حياتهم وأيهما أكبر من وجهة نظر المتعامل معها لا المشخص لها، واستطاعت الصورة بكل أدواتها وتقنياتها أن تفرض نفسها على واقع حياة الناس في جميع شؤونهم بل أصبح غيابها يجلب الإثم والضرر عليهم في مختلف معيشتهم.
فالذاكرة لا تنسى قرار منع استيراد الهواتف المدمجة بالكاميرا ومنع بيعها قبل سنين خلت ونظرتنا إلى هول ضررها الكبير في اختراق الخصوصية من قدرتها على التصوير، وما قد تظهره من بعض سلوكنا الخاطئ والسيئ، وخوفنا من مواجهة تلك الأخطاء ومعالجتها، وانتشرت وكأن شيئا لم يكن، واليوم وزارة التعليم تواجه نفس المشكلة وبأوسع أبوابها حيث منعت دخول الهواتف الذكية بعد قرار السماح بحملها للطلبة والطالبات في المدارس مع مطلع العام الدراسي والتي على ما يبدو أساءوا استخدامها في التصوير في ظل غياب مفهوم الإثم الصادر عنها والمنفعة المتوقعة منها، وتوضيح معياريتها في زمن تتلاشى فيه الخصوصية إما اختيارا من الفرد بنشر جميع ما يقوم به على منصات التواصل الاجتماعي أو عن طريق غيره أو التقنية التي باتت تفتح كل الأبواب المؤصدة، وتفرض على الناس حمل أجهزتهم الذكية واستخدام تطبيقاتها في جميع شؤون حياتهم وأينما كانوا، فالبشرية سوف تتخلص من الهواتف الذكية خلال السنوات العشر القادمة لتستبدلها بتقنية تكنولوجيا إنترنت الأشياء IOT ومن أهم مزاياها الخدمات التعليمية وتطبيقاتها في كل جوانبها ولن تكون هناك أسوار للمدرسة ولا غرف مغلقة ولا رقابة مشددة وسوف تكون كل الأشياء متاحة أمام الطلبة ولا شيء يمنعهم أو يقف أمام تصويرهم إلا ما أعددناه في بناء وصقل شخصياتهم من تمييز الإثم والمنفعة والتي سوف يحكمون بها على نواتج الأشياء لا أصل مادتها وحينها سوف تكون لديهم الإجابة الذاتية حول يسألونك.
[email protected]