لكن منذ 1990 وحتى 2020 زاد متوسط درجة الحرارة بمقدار 0.4 درجة مئوية خلال 30 عاما فقط ! الأمر الذي دعا المنظمات الدولية المعنية بالتغير المناخي للقلق، خصوصا مع توقعات وصولنا إلى ازدياد بالارتفاع يصل إلى 0.5 درجة مئوية خلال الـ 15 سنة القادمة فقط.
لكن، ما الذي جعل أرضنا تسخن من الأساس..؟
بداية دعونا نتفق بأن المصانع التي تعد أحد أهم النشاطات المشكلة للاقتصاد العالمي، تحتاج إلى طاقة حتى تعمل وهذه الطاقة مستمدة من حرق الوقود الأحفوري الذي تنتج عنه غازات مضرة. ومنذ اندلاع الثورة الصناعية في منتصف القرن الثامن عشر ونسبة انبعاثات هذه الغازات المضرة في ارتفاع مستمر.
من هذه الغازات المنبعثة الميثان والأكسيد النيتروجيني وغاز ثاني أكسيد الكربون الذي يعتبر أهمها. حيث ترتفع هذه الغازات بالأجواء لتشكل طبقة عازلة لأرضنا الحبيبة وعندما تسلط أشعة الشمس على الأرض تمتص بعضها والبعض الآخر من الإشعاع الشمسي ينعكس من طبقة الأرض ليخرج إلى الفضاء لكن الغازات المضرة التي شكلت طبقة عازلة تمنع هذا الإشعاع الشمسي من الهروب وتحفظه في طبقات الجو مسببة ارتفاعا في درجات حرارة الأرض.
هذه الظاهرة أشبه لما يحدث للنباتات بالمشاتل، فالنباتات محفوظة داخل بيت زجاجي لتسمح للضوء بالمرور من أجل عملية البناء الضوئي محافظة على سخونة الجو داخل المشتل. ولهذا السبب تسمى ظاهرة تكون هذه الغازات ورفعها لحرارة الأرض بـ Greenhouse Effect.
اليوم يوجد ما مجموعه 400 جزء من مليون من غاز ثاني أكسيد الكربون بالجو، هذا الرقم يعتبر عاليا جدا وكفيلا لرفع معدل درجة حرارة سطح الأرض درجة مئوية واحدة. والمقلق بالموضوع أن نسبة تواجد غاز ثاني أكسيد الكربون بالجو في حالة ارتفاع سريع.
لكن، هل ارتفاع ما مجموعه درجة واحدة مئوية فقط كفيل بأن يسبب هذه الضجة؟
قد تبدو هذه الدرجة الواحدة غير مؤثرة يا رفاق، لكنها في الواقع سببت ذوبان الجبال الجليدية في القطبين الذي يعد أحد أهم أعراض ارتفاع معدل حرارة الجو، هذا الذوبان بدوره رفع منسوب المياه في الأرض فقد تم تسجيل ارتفاع قدره 80 ملم منذ عام 2000 حتى الآن، أي بمعدل 4 ملم لكل سنة تقريبا حسب دراسات مركز GSFC التابع لناسا والمتخصص بدراسة الأرض. وفي ظل التزايد السريع لنسبة انبعاثات الغازات المضرة وحبسها لأشعة الشمس في كوكبنا فإن هذا المعدل بارتفاع منسوب المياه متوقع أن يستمر بالازدياد بشكل أسرع في السنوات القليلة القادمة مسببا فيضانات وأعاصير ستكون مدمرة للمناطق الساحلية وقاطنيها.
فإن لم تتفق الأمم جميعها على تقليل انبعاثات الغازات المضرة بشكل جدي، كما فعلنا في أزمة طبقة الأوزون عنما وقعت دول الأمم المتحدة على بروتوكول مونتريال، فإن مدنا ساحلية عملاقة مثل نيويورك ستحتاج إلى سدود مائية حتى تنجو في السنوات القادمة.
[email protected]