في الخامس عشر من شهر أغسطس ومع توارد الأخبار عن عودة جماعة الطالبان للسلطة والسيطرة على مقاليد السلطة، والحياة في أفغانستان رددت وسائل الإعلام إضافة إلى مصطلحات أخرى مصطلحين الأول: إجلاء أعضاء البعثة، أو البعثات الدبلوماسية، والآخر إجلاء الرعايا لبعض الدول. المصطلح الأول الخاص بإجلاء البعثة الدبلوماسية استوقفني كثيرا، وعاد بي إلى ذكريات قديمة نوعاً ما، ولكنها لا تزال عالقة بالذاكرة، حيث أتذكر بتاريخ 19 أبريل 2014م أن بعثة دبلوماسية سعودية كنت أعمل فيها، وأحد أعضائها، طلب منها تنفيذ عملية الإخلاء من بلد أفريقي. سأسرد الموضوع بعمومياته لمجرد إعطاء المهتمين بالأخبار، ولغة الأخبار ومصطلحاتها بعض الإضاءة حول المصطلح. أولاً يجب القول إن معنى إخلاء وإجلاء أعضاء البعثة الدبلوماسية لأي دولة من أي دولة تعمل فيها يعني بالضرورة وجود خطر داهم، أو حالة من الانفلات في الأوضاع الأمنية، أو تتوافر معلومات أكيدة، أو شبه أكيدة من تعرض البعثات الدبلوماسية بمبانيها، ومسلتزماتها المادية، والبشرية للخطر في الدولة، التي تعمل البعثة الدبلوماسية فيها، ويجدر بنا هنا أن نميز بين لفظ البعثة وبين ألفاظ ترتبط بها في بعض الأحيان مثل، هيئة، أو إرسالية، أو مفوضية. وقد تكون كل أو بعض تلك المسميات تحت المظلة العامة للبعثة الدبلوماسية أي السفارة. بعد تحقق الجهات المختصة من هذه الحالة الحرجة، يكون هناك إبلاغ برقي، أو هاتفي بحسب طبيعة الظروف، والوقت المتاح لأعضاء البعثة بضرورة تنفيذ حالة الإخلاء، من الطبيعي أن يكون الاتصال، أو البرقية، التي تفيد بذلك توجه لرئيس البعثة، أو لنائب رئيس البعثة، وما يسمى غالباً بالرجل الثاني، أو يكون القائم بأعمال السفارة بالإنابة في حال عدم وجود السفير في البلد المضيف لأي سبب. المهم أن الشخص المعني يتلقى الرسالة، أي رسالة الإخلاء عليه سرعة التحرك ضمن أعضاء المجموعة مهما كان عددهم لتنفيذ المهمة خلال الوقت، الذي عادة يكون محددا في أمر الإخلاء، فقد يكون أمر الإخلاء بصيغة المغادرة فيما لا يتجاوز التاريخ الفلاني، أو قبل نهاية اليوم الفلاني، وقد تذكر وسيلة الخروج، مثال المغادرة براً، أو جواً، أو انتظار طائرة تابعة لبلد السفارة تقل أعضاء البعثة، وفي الحالات الحرجة يكون التوجيه بسرعة مغادرة أراضي الدولة الفلانية، بالسرعة الممكنة، وعبر أي وسيلة كانت، وإلى أي جهة. بعد ذلك يبرز دور الرجل المسؤول، حيث عليه عقد لقاء من باقي أفراد المجموعة، وغالباً ما يتم تقسيم هؤلاء الأفراد إلى ثلاث مجموعات، الدبلوماسيين والإداريين، والفنيين، وأعضاء المكاتب الفنية، والمتخصصة التابعة للبعثة. وغالبا ما يكون الطلب من هذه المجموعات واحدا، وهو تنفيذ إجراءات الإخلاء، التي تعني في بعض الحالات كيفية التعامل مع الملفات، والأجهزة الإلكترونية، ومصادر المعلومات. هذه الأمور منها ما يجب إتلافه، ومنها ما يجب حفظه والعودة به إلى أرض الوطن، مثل الأقراص الصلبة لأجهزة الحاسب، خاصة تلك التي كانت تدون عليها المعلومات الحساسة. بعد ذلك يخطر الجميع بالوقت المحدد للمغادرة، وكيفيته، وفي بعض الأحيان تصرف كميات لا بأس بها من الأموال لتدبر تكاليف المغادرة أو تؤمن التذاكر للجميع حسب الوقت والإمكانية.
@salemalyami