يرى بعض «المتأثرين» بآداب الغرب وثقافاته من المثقفين والأدباء العرب أن من الأجدى لهم التأليف والكتابة بلغة أجنبية لا عربية كاللغة الإنجليزية، أو اللغة الفرنسية، أو بأي لغة عالمية أخرى «حية» غير العربية؛ لأنهم في حالة الكتابة والتأليف بتلك اللغات الأجنبية «المنتشرة» سوف يضمنون لأعمالهم الانتشار، ولأسمائهم الشهرة واللمعان والذيوع.
وإذا رجعنا لواقع ما نرى لاستطعنا أن ندرك بالفعل أن كثيرًا من الكُتَّاب والمؤلفين في المغرب العربي بدأوا بالفعل يكتبون ويؤلفون باللغة الفرنسية، رغم أنهم يملكون لسانًا عربيًا مبينًا وينتمون إلى أمة عربية ذات أدب عريق وثقافة عريضة، والأمر من وجهة نظري يتعلق بضرورة أن نبحث في مسألة هامة جدًا لها اتصال عضوي بلغتنا العربية، فهل هذه اللغة أضحت اليوم غير قادرة على استيعاب أدوات التعبير الأدبية والثقافية المعاصرة؟ هل هذه اللغة عاجزة عن استيعاب معطيات حضارة العصر ومنجزاته؟ هل هذه اللغة التي ننطق بها ونؤلف بها أضحت غير قادرة على التعبير عن المنجزات العلمية الباهرة، وهي سمة من سمات هذا العصر، وعلامة بارزة من علامات نهضته وتطوره؟
وللإجابة عن هذه الأسئلة جميعها، يمكن أن نطرح هذا السؤال الأهم أولًا: هل استطاعت مؤسساتنا العلمية والثقافية في الوطن العربي أن «تُعرّب» العلوم والتعليم؟ ولا شك في أننا سوف نصل إلى قناعة عقلانية لكل هذه التساؤلات إذا استطعنا أن ندرك أن نهضة الأمم والشعوب في المجالات والميادين العلمية المختلفة أمر مرهون بتسخير لغاتها للقيام بأدوار حيوية وفاعلة في مجالات الإبداع والفكر.
[email protected]