نحن والفيزياء

أكد علماء الفيزياء أن لكل فعل ردة فعل تساوي له في القوة وتعاكسه في الاتجاه وقد أثبت ذلك علميا، ودرسنا في العلوم تلك التجربة في درس «الموجات» مثالا لذلك والتي ترتد الموجة أثناء سيرها بالزنبرك واصطدامها بطرف ثابت تعود بنفس السرعة مقلوبة وهذا تطبيق عملي للتعريف. لست هنا لأؤكد شيئا ثابتا منذ زمن بعيد ولست أيضا أدعو لفيزياء جديدة فبضاعتي بها انتهت مع دراسة المرحلة الثانوية. وهكذا الحياة بها الكثير من المواقف والتي تتطلب ردة لفعل ما، فإحسان هنا وخصام هناك وعتب هنا ونزاع هناك. قد يرد علي من يقول العين بالعين والسن وبالسن وأقول هذا صحيح ولست مخالفا له ولكنه ليس خيارا إجباريا ولست ملزما به. مما أعجبني ما قاله علماء النفس والعلوم الاجتماعية بأن من أسباب السعادة في علاقاتك مع الآخرين أن تكون مسؤولا عما يصدر منك وليس ما يقابلك فأنت مسؤول فقط عن تصرفاتك، فردود أفعالك مقرونة فقط بدائرة مسؤوليتك بهذه العلاقة ولا تصل إلى انتظار ردود فعل الطرف الآخر، فمثلا افعل ما عليك ولا تنتظر ردة الفعل بل ما يمليه عليك عقلك واتزانك ونظرتك للأمور وحتى مصالحك. فمثلا من السهل جدا أن يتخاصم الشركاء في شركة تجارية على حصص معينة فيتقاطعون ولا يتزاورون ولا يتحدثون، لا مشكلة أن يكون الخلاف ماليا ولكن المشكلة أن يتشعب الخلاف لأكثر من ذلك حتى يصل إلى عدم العيادة للمريض أو العزاء. مرؤوس يختلف مع رئيسه على علاوة أو تقييم هذا أمر وارد ولكن نسف الماضي وكأنه لم يكن أمر فيه الكثير من الظلم للطرفين وعليهما. وارد جدا أن يتخاصم أي زوجين ويؤلبا أولادهما على بعضهما وينشرون قصصهم في المجالس بين الناس ولكن أين البصمة الخاصة التي تعرف رقي الخلاف والبعد عن الفجور في الخصومة؟. أسمع وأرى بعض من يتحدثون عن العلاقات بين الناس والكيانات والطرق المثلى لها، واتفق معهم في بعض الجوانب ولكني أقول يجب أن تضع لمستك و«بهاراتك» الخاصة بك لتكون فارقا عن غيرك، ما يجعلني أؤكد على هذا الكلام هو سبب بسيط، لو أنا كل البشر تعاملوا بقانون الفيزياء أعلاه في كل المواقف لأصبحنا نسخا من بعضنا ولا فرق بيننا ولا تأثير لعقولنا وتجاربنا وبيئتنا ونظرتنا وحسن تصرفاتنا أو حتى سوءها، فالبشر يختلفون دائما لأنهم كالبصمات يستحيل أن تطابق واحدة الأخرى حتى وإن تشابهت كثيرا فالفرق لا بد أن يكون. من السهل أن تطبق قانون الفيزياء ولكن من الأجمل أن تطبق ما تمليه نفسك عليك وما تمليه «فيزياءك» الخاصة بك.

وحتى ألقاكم الأسبوع المقبل بإذن الله أودعكم قائلا (النيات الطيبة لا تخسر أبدا).. في أمان الله.

أخبار متعلقة