يتعرض الناس للتنمر أحيانا لأنهم لا يستطيعون المقاومة، ويحدث ذلك غالبا للأشخاص الأضعف جسديا من خصومهم، وهذا هو أكثر الأسباب شيوعا للتنمر الذي يتعرض له الأطفال وبعض النساء، ويتعرض آخرون له في الكبر لأنهم لا يدافعون عن أنفسهم ولا يوضحون حدودهم، ويحدث هذا على نحو متكرر للأشخاص الذين يتسمون بالتضحية بالذات وضعف تأكيد الذات، كما يتكرر مع أولئك الذين يؤمنون بأن جميع أشكال العدوان بما في ذلك مشاعر الغضب خاطئة أخلاقيا، فهناك أشخاص حساسون للغاية تجاه أي تنافس أو احتكاك شديد العدوانية، ويكبتون كل المشاعر التي قد تؤدي لمثل هذه الأشياء في دواخلهم، وبسبب تقييد قدراتهم التعبيرية لا يمكن لأولئك استجماع الغضب الواعي اللازم لحماية أنفسهم، رغم أنه من الممكن دمج القدرة على الرد بقوة مع مهارات التواصل مما يقلل من احتمالات الاحتياج إلى الأساليب العدوانية، فإذا قلت «لا» في وقت مبكر من دورة القمع، وكنت جادا في ما تقوله، وهذا يعني أن تعبر عن رفضك على نحو حازم وأن تؤكد على هذا الرفض، فهذا سيجعل نطاق القمع محصورا ومحدودا من جانب الشخص المستبد في إطار مناسب، فقوى الاستبداد تتمدد على نحو كبير لتملأ المساحة المتاحة لها، والأشخاص الذين يرفضون إصدار الاستجابة المناسبة لحماية أنفسهم يكونون عرضة للاستغلال تماما مثل أولئك الذين لا يستطيعون حقا الدفاع عن حقوقهم بسبب عجزهم العقلي أو خلل جسيم في القوة، وعادة ما يقوم هؤلاء الأشخاص الساذجون في استجاباتهم بتبني تصورات مشوهة من خلال بعض المسلمات اللاواقعية مثل أنه لا أحد يريد أن يؤذي أحدا آخر، أو أن الرد باستخدام القوة أمر قاس، وأن الناس طيبون في الأغلب، ويمكن أن تصبح هذه المعتقدات الساذجة دعوة فعلية للإساءة من قبل أفراد خبثاء وسيئين، لأنهم أصبحوا محترفين في إيقاع الأشخاص الذين يفكرون في مثل هذه الأفكار تحديدا، فإذا كنت منهم فلست مضطرا لأن تبقى كذلك، فإذا تعرضت للتنمر سابقا فليس بالضرورة أن يستمر هذا الوضع الآن، فالظروف تتغير ويمكنك أنت أيضا أن تتغير، من خلال إضافة تأثير إلى تأثير، وهذا هو الدرس الأكثر تفاؤلا حسب «توزيع باريتو»، فأولئك الذين بدأوا يمتلكون الثروة سيجنون المزيد منها، وإذا بدأت في إحداث تعديلات في مساحتك الشخصية واحدة تلو الأخرى، فيمكن أن تحدث بعض حلقات التغذية الراجعة التي تنشأ من خلال لغة الجسد نحو الفضاء الاجتماعي الذي تتشاركه مع الآخرين، لذا انتبه لوضع جسدك بعناية، كف عن الترهل وقف منتصبا باسطا كتفيك للوراء، وعبر عن رأيك بحرية، وضع رغباتك أمامك كما لو كان لك الحق في تحقيقها، على الأقل بقدر ما يحق للآخرين ذلك، وانظر مباشرة إلى الأمام بجرأة، وسيبدأ الناس بمن فيهم أنت نفسك في افتراض أنك مؤهل لحماية حدودك، ومن خلال التشجيع الناتج عن ردود الأفعال الإيجابية التي تتلقاها، ستتدفق محادثاتك بسلاسة، وسيشجعك هذا على التفاعل معهم بشكل أفضل، وستجعل الآخرين يستمدون القوة من وجودهم إلى جوارك، وبهذا التشجيع ستشرع في رحلة حياتك وتدع نورك يشع فيما حولك.
@LamaAlghalayini