وتابع يقول: بينما سبقت الصهيونية المحرقة، ألقت محرقة اليهود بظلالها على إسرائيل الحديثة، حيث يبرر الإسرائيليون استثمارهم العسكري بمفهوم أن اليهود لن يسمحوا لأنفسهم أبدا مرة أخرى بأن يكونوا تحت رحمة أعداء يقومون بالإبادة الجماعية.
وأردف: مع ذلك، بدلا من الوقوف إلى جانب أولئك الذين نجوا من الإبادة الجماعية، أو الذين يعانون منها، أو المعرضين لخطر وشيك، سمح جيل من القادة الإسرائيليين للسياسة الواقعية والجشع التجاري بوضع إسرائيل كشريك لمرتكبي الإبادة الجماعية بدلا من أولئك الذين يقاومونها.
وأضاف: ربما تكون الشراكة الأكثر إشكالية لإسرائيل هي مع جمهورية الصين الشعبية، التجارة العسكرية لإسرائيل ليست سوى غيض من فيض. الأمر الأكثر أهمية هو تجارة قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي مع الصين.
وتابع: استثمرت الكيانات الحكومية الصينية بكثافة في الشركات المتخصصة في التقنيات الحساسة، ولم يجتذبها الذكاء الإسرائيلي فحسب؛ بل أيضا مناخ الاستثمار الأسهل مع وجود حواجز أقل مما قد تواجهه الصين في الدول الغربية الأخرى، لا سيما فيما يتعلق بالأنشطة الإلكترونية.
مسلمو الأويغور
ومضى يقول: بين عامي 2014 و2016، تضاعف رأس المال الاستثماري الصيني المستثمر في قطاع التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل إلى مليار دولار، بينما بلغ الاستثمار الصيني في الشركات التكنولوجية الإسرائيلية الناشئة 325 مليون دولار في الأشهر التسعة الأولى من 2018، بزيادة 37 % عن العام السابق.
واستطرد: في حين أن الحكومة الإسرائيلية قد تتذرع بالجهل وتنأى بنفسها عما قد يفعله قطاعها الخاص، فإن هذا مخادع بالنظر إلى كيفية قيام الدول الأخرى بتنظيم ومعالجة المشكلات، التي تطرحها التقنيات العسكرية ذات الاستخدام المزدوج.
وتابع: ربما قبل عقد من الزمن، كان بإمكان القادة الإسرائيليين التظاهر بأنهم لم يكونوا على دراية بالإبادة الجماعية التي ترتكبها السلطات الصينية ضد مسلمي الأويغور.
وأردف: اليوم، يرقى هذا إلى حملة التطهير العرقي الأكثر تنظيما ومنهجية منذ الهولوكوست نفسها. بينما أدانت إسرائيل معاملة الصين لأقلية الأويغور، فإن وزارة الخارجية الإسرائيلية فعلت ذلك فقط بعد أن ضغطت عليها الولايات المتحدة وكندا للقيام بذلك. ومع ذلك، يجب أن يشعر الإسرائيليون بالذعر من أن الصين قد تستخدم تكنولوجيا الإنترنت والمراقبة في حملتها القاتلة.
أذربيجان وأرمينيا
وأردف بقوله: كانت المساعدة الإسرائيلية لأذربيجان أكثر تعمدا. قبل عام، شنت أذربيجان هجوما مفاجئا على إقليم ناغورنو كاراباخ الجبلي، وهي منطقة يسكنها أرمن إلى حد كبير، التي نقلها جوزيف ستالين إلى السيطرة الأذربيجانية عندما قام بتقسيم حدود الجمهوريات المكونة للاتحاد السوفيتي.
وتابع: في حين أن الولايات المتحدة والكثير من المجتمع الدولي، اعترفت بالمنطقة على أنها أذربيجانية من الناحية القانونية، فإن القانون الأمريكي ليس قاطعا.
وأضاف: كما أشار أرا بابيان، الباحث والسفير الأرميني، فإن واشنطن لا تحتاج إلى قبول حدود ستالين؛ لأن الولايات المتحدة لم تعترف أبدا بالضم السوفييتي لأرمينيا.
ومضى يقول: لأن أذربيجان أعلنت نفسها خليفة للجمهورية الأذربيجانية الأولى بدلا من جمهورية أذربيجان الاشتراكية السوفييتية، يمكن القول إنها تخلت أيضا عن مطالباتها بناغورنو كاراباخ.
وأضاف: بغض النظر عن التزام أذربيجان وأرمينيا بحل النزاع دبلوماسيا، فإن العنصر الحاسم الذي مكن من تحقيق النصر الأذربيجاني هو الطائرات الإسرائيلية دون طيار، التي مكنت القوات البرية الأذربيجانية من التغلب على بعض العيوب الطبوغرافية.
وتابع بالقول: بينما تستطيع باكو إخبار المؤسسات الفكرية الغربية والمستفيدين الآخرين من الدبلوماسية أنها ببساطة تصحح خطأ تاريخيا لم يتم حله بعد حرب ناغورنو كاراباخ 1988-1994، فإن السياق مهم، حيث جاء الهجوم المفاجئ في الذكرى المئوية الأولى لغزو العثمانيين لأرمينيا المستقلة، ورافق الهجوم الخطاب الجهادي والإقصائي، سواء من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أو الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف.
دعم أعمى
ومضى يقول: كإستراتيجية طويلة الأمد، فإن الدعم الإسرائيلي الأعمى لأذربيجان يأتي بنتائج عكسية.
وأردف: بينما كانت تجارة الأسلحة مقابل النفط ضرورة في السابق، فهي الآن لم تعد كذلك. لم تعد أذربيجان بعد الآن المعقل المعادي لإيران والمتطرفين كما كانت في السابق. إن إخضاع علييف لسيادة هذا البلد لتركيا وروسيا يؤدي فقط إلى تسريع تحولها.
وأضاف: هذا لا يعني منح أرمينيا تصريح مرور مجانيا. لا يمكن إنكار علاقات أرمينيا مع كل من إيران وروسيا، لكن هذه العلاقات هي أيضًا نتيجة الحصار المستمر من قبل تركيا وأذربيجان. إن ابتعاد أرمينيا عن الديكتاتورية فيما تعتنقها أذربيجان هو سبب كاف لإعادة النظر في السياسة القائمة.
وتابع: بدلا من مساعدة أذربيجان على مواصلة التطهير العرقي والإبادة الجماعية ضد الأرمن، يمكن لإسرائيل بدلا من ذلك أن تحث باكو على التجارة معهم.
ومضى يقول: تستحق إسرائيل اللوم لقيامها بالتمكين من ذبح الأرمن، لكن يبدو أن صناعة الدفاع فيها تكرر الآن مثل هذه الأعمال في إثيوبيا.
مذبحة الروهينجا
وأردف يقول: مر الآن ما يقرب من عام منذ أن شن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد هجوما على مقاطعة تيغراي شمال إثيوبيا. وبدلا من الحرب السريعة التي وعد بها آبي، نجحت قوات دفاع تيغراي في التصدي للهجوم الإثيوبي.
وأضاف: كرد على ذلك، سعى آبي إلى حملة إبادة جماعية بالاعتقال والتجويع الجماعي. ومع ذلك، فإن عرقية التيغراي ترفض الاستسلام.
وتابع: يبدو أن إسرائيل قدمت بالفعل طائرات دون طيار لإثيوبيا، وقد تفعل تركيا ذلك قريبا. في الواقع، كما يلاحظ المحلل رشيد عبدي، فإن إثيوبيا فريدة من نوعها في القرن الأفريقي، إن لم يكن في العالم، حيث تستقبل طائرات دون طيار من إيران وإسرائيل وتركيا.
ومضى يقول: ببساطة، لا يوجد سبب إستراتيجي يدعو إسرائيل للانخراط عسكريا مع إثيوبيا، علما بأن آبي أحمد سيستخدم هذه الأسلحة ضد أقلية تيغراي في إثيوبيا. وأضاف: سجل إسرائيل في ميانمار على خلفية مذبحة الروهينجا مقلق بالقدر نفسه.