يسر وإبداع
وقد أقيم أول معرض دولي للسيرة النبوية والحضارة الإسلامية بالمدينة المنورة، في الثالث من شهر رمضان 1440هـ، بجوار مسجد قباء بالمدينة المنورة، وافتتحه نائب أمير منطقة المدينة المنورة، والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، بحضور كبار العلماء من داخل المملكة وخارجها.
واشتمل المعرض على العديد من اللوحات التي تتحدث عن فضائل النبي صلى الله عليه وسلم، وخصائصه، وآدابه، ولطائف أخلاقه، وروائع شمائله، ودلائل نبوته وطرق تعامله مع آل بيته وأصحابه، ونبذة عن مكة المكرمة والمدينة المنورة في عهده.
وقدمت المعروضات بطريقة سهلة وميسرة تعد قمة في الإبداع، وغاية في إثارة الشوق والتطلع للتعرف على سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتحلق بالأرواح إلى عالم من الجمال المحمدي الرفيع بوصف دقيق لخلقته الجميلة وخلقه، وطلعته البهية، وحسن تعامله، وعظيم رحمته، وجليل عفوه، وكبير تسامحه مع آل بيته الأطهار، وصحبه الأخيار، كما تم عرض ذلك بأحدث الأساليب والتقنيات معتمدًا على الكتاب والسنة النبوية.
مئات اللوحات والمجسمات
اشتمل المعرض أيضا على مؤلفات علمية تقدم السيرة النبوية بعرض جديد، وتأصيل دقيق، كما اشتمل على لوحات عديدة وأقسام مختلفة تزيد على 60 مجسما ولوحة، منها لوحة تشرح قصة الكون وبداية الحياة، وتحتوي على عرض مفصل لدلائل القدرة الربانية وشواهد الوحدانية، ومجسمات تقنية لمكة المكرمة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وطريق هجرته، إضافة إلى شروحات عن أهم معالم مكة المكرمة في تلك الفترة.
اشتمل المعرض كذلك على لوحات عن مراحل توسعة وإعمار المسجد الحرام، وفضائل مكة بلغت حوالي ثلاثمائة وخمسين فضيلة، ولوحات عن فضائل المدينة المنورة، وتشمل حوالي مائتين وثلاثين فضيلة، مع عرض مجسمات تقنية للمدينة المنورة، وصور عن أهم المعالم فيها، في مقدمتها بيوت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وبجانبها لوحات جمع فيها ما يتعلق بفضائله صلى الله عليه وسلم، في ذاته وآل بيته، ودينه، وشريعته، وأمته، وأصحابه، تصل إلى ألف وأربعمائة فضيلة.
السلامة في الهدي النبوي
كما احتوى المعرض على لوحات تتحدث عن وسائل السلامة في الهدي النبوي، تحتوي على وسائل السلامة الكونية والأمنية، والبيئية، والصحية، والمرورية، والأسرية، والعائلية، والزوجية، ووسائل السلامة في الدار الآخرة.
كما احتوى كذلك، على لوحات تشرح جهود المملكة في خدمة القرآن الكريم والسنة الشريفة وعمارة الحرمين الشريفين عبر التاريخ، ولوحة احترافية وقمة في التصميم توضح تفاصيل جسد النبي صلى الله عليه وسلم، وتم عرضها باستخدام الشاشات التقنية العملاقة، وشاشات اللمس المتعددة، مع استخدام نظارات الواقع الافتراضي، وتقنية الهولوجرام.
وهناك قسم خاص وجناح مميز عن جهود المملكة في خدمة القرآن الكريم والسنة الشريفة.
عمارة الحرمين الشريفين
ويعد قسم عمارة الحرمين الشريفين عبر التاريخ، من أبرز ما يتضمنه المعرض، إذ يوضح جهود ملوك المملكة العربية السعودية بدءا من عهد الملك عبدالعزيز آل سعود، طيب الله ثراه، وانتهاء بخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، رئيس مجلس الوزراء، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وفقهما الله، كما يوجد بجوار هذه اللوحة عدد من اللوحات تشرح أهم مراحل توسعة الحرمين في عهد الخلفاء والصحابة والعهدين الأموي والعباسي.
روائع وصف الصحابة
ويتضمن المعرض، لوحة تروي خصائصه في بلد مولده، وفي نسبه وقبيلته، وفي بلد مهاجره ومرقده، ولوحات تتحدث عن أثاث النبي صلى الله عليه وسلم ومقتنياته يصل تعدادها إلى مائة وستة وثلاثين أثاثا، بدأت بالإبرة والإثمد والإداوة، وانتهت بأنواع الوسائد التي يستخدمها، وبجانبها أربع لوحات تحتوي على تسعين نوعا من طعامه وشرابه، ولوحات تتحدث عن ملابس النبي صلى الله عليه وسلم وأنواعها، مثل الأثواب اليمانية والإزار اليماني والإنبجانية، والحلة الحمراء والمرط المرحل أو المرجل، إلى غير ذلك من أنواع الملابس والتي تصل إلى ثمانين نوعا تقريبا، مع ذكر المراجع التي تحدثت عنها من الصحاح والمصنفات والمعاجم.
كما يشتمل على لوحات تتحدث عن روائع وصف الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم، ولأعماله وأحواله، ولوحات كبيرة وعريضة في قمة الجمال تشرح جسد النبي صلى الله عليه وسلم، والحسن النبوي البديع.
لوحات الشبه
ومن أبرز ما يتضمنه المعرض لوحات تتضمن أسماء الذين يشبهون النبي صلى الله عليه وسلم، مع بيان وجه الشبه وتحتوي على اثنين وعشرين صنفا. منهم من يشبهه في خلقته الشريفة وهم عشرون تقريبا، منهم أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام، وابنه إبراهيم، والحسن، والحسين، وجعفر بن أبي طالب، وعون بن جعفر، ومصعب بن عمير، وأبو سفيان بن الحارث، رضي الله عنهم، ومنهم من يشبهه في خلقته وأخلاقه، منهم محمد بن عبدالله بن حسن بن حسن بن علي ابن أبي طالب، ويحيى بن القاسم بن محمد بن جعفر الصادق، ومنهم من يشبهه في مشيته، كفاطمة بنت النبي رضي الله عنها، ومنهم من يشبهه في ذاته وسمته وهديه وصلاته ولهجته.
إشادات الضيوف والزائرين
وقد أشاد بالمعرض عدد من كبار الضيوف والزوار الذين شاركوا في الافتتاح واعتبروه فريدا من نوعه، لكونه الأول في تاريخ المعارض المعني بقضية السيرة النبوية الشريفة، وبداية صفحة جديدة في شرح سيرة الرسول العطرة بطريقة مبسطة، وفي نفس الوقت حديثة تتناسب مع التطورات التقنية، وتقدموا بجزيل الشكر والتقدير لرابطة العالم الإسلامي على تبنيها عقد هذا المعرض الثري، وطالبوا بأن يكون المعرض متحركا ومتجولا في العواصم الأوروبية حتى يطلع هؤلاء الغربيون على حقيقة السيرة النبوية وعلى حياة نبي الرحمة الذي بعث رحمة للعالمين ولم يبعث للعرب فقط أو لجنس معين، وإنما بعث للعالمين أداة للخير وتفعيلا له.
اتفاقيات لمقرات أخرى
وعقدت الرابطة اتفاقية مع عدد من الجهات داخل المملكة وخارجها لإنشاء مقر دائم لمعرض السيرة النبوية منها، اتفاقية إنشاء أكبر متحف تاريخي وحضاري في العاصمة الإندونيسية «جاكارتا»، واتفاقية مع جامعة أم القرى ممثلة في شركة وادي مكة للتقنية لإنشاء المعرض والمتحف العالمي الدائم للسيرة النبوية والحضارة الإسلامية، واتفاقية تخصيص مقر لمتحف السيرة النبوية والحضارة الإسلامية بالمدينة المنورة، وقّع الاتفاقية الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس مجلس إدارة الهيئة العالمية للعلماء المسلمين الشيخ الدكتور محمد العيسى، في حضور صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة، وسيتم إنشاء هذا الصرح التاريخي على مساحة 20 ألف متر مربع في مدينة المعرفة الاقتصادية.
أهمية واستحقاق المملكة
وأشار الأمين العام إلى أن المتحف بمقره الرئيس يعكس الأهمية والاستحقاق، فالمملكة العربية السعودية هي أرض الرسالة ومنطلق حضارة الإسلام، وعلى ثراها الطاهر اكتمل الدين ليحمله للعالمين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، لافتا إلى أن الرابطة تلقت طلبات من 24 دولة ترغب في إقامة نُسخ فرعية من المتحف، والتي ستكون بدايتها في الجمهورية الإندونيسية، وكذلك دولة الإمارات.
وقدّم شكره لسمو الأمير فيصل بن سلمان على توجيه سموه باحتضان المقر الرئيس للمتحف في المدينة المنورة، فضلا عن متابعته المستمرة لهذا المشروع المهم، والذي يأتي منسجما مع الدعم الكبير الذي تقدمه حكومة خادم الحرمين ومن المقرر أن يكون المشروع أحد المعالم المهمة التي تحتضنها المملكة لخدمة السيرة النبوية والحضارة الإسلامية باستخدام أحدث الأساليب والتقنيات، وذلك لاشتماله على المراكز العلمية والبحثية، ومراكز التدريب والتطوير والترجمة، وصالات العرض المتحفي المتطورة، وقاعات المؤتمرات الدولية والندوات العلمية، ومركز للمرأة والطفل والعديد من المناشط المختلفة ليكون مصدر إشعاع عالمي حضاري.
يقدم المعرض والمتحف الدولي للسيرة النبوية والحضارة الإسلامية، والواقع بجوار الحرم النبوي الشريف، تعريفا بسيرة المصطفى، صلى الله عليه وسلم العطرة، وكأنك تعيشها من خلال أحدث تقنيات العرض العصرية، بإحساس نابع من اهتمام المملكة بخدمة السيرة النبوية، ونشر هدي سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، المبني على الوسطية، والاعتدال، وثقافة الحوار، والتعايش مع الآخر، وتعريف غير المسلمين والأقليات المسلمة بهديه، وتفنيد الادعاءات الباطلة، والحملات المغرضة لتشويه صورته، وإبراز منهاجه في حل مشكلات البشرية، وتعليم المسلمين الجدد ما لا غنى لهم عنه من أمور دينهم، والإسهام في تفعيل توصيات وثيقة مكة المكرمة العالمية الصادرة عن رابطة العالم الإسلامي عام 1440هـ.