DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

الأحساء.. «المدرسة الأميرية» أيقونة التعليم الأولى بالشرقية

زارها الملك المؤسس.. وخريجوها أمراء ووزراء.. وتحولت لمزار سياحي

الأحساء.. «المدرسة الأميرية» أيقونة التعليم الأولى بالشرقية
أكد مسؤولون ومهتمون بالتاريخ والتعليم أن الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- حرص على وضع أسس التنمية الشاملة في جميع أنحاء المملكة ومن أبرزها «التعليم»، وأعطى قسماً كبيراً من العناية له، وإتاحة الفرصة لأفراد المجتمع كافة للالتحاق بمؤسساته، وكان لمحافظة الأحساء نصيب بالغ من هذا الاهتمام فكانت المدرسة الأميرية أو بيت الثقافة أو مدرسة الهفوف الأولى من أقدم المدارس الحكومية في المملكة والتي أسسها -طيب الله ثراه- لتكون نقطة انطلاق التعليم في المنطقة الشرقية، وحاليا تشهد المحافظة تطورا كبيرا وبها ما يقارب الـ 900 مدرسة.
اختراق الرفض المجتمعي
قال الباحث في التاريخ والتراث الإسلامي د. محمد الملا، إن التعليم النظامي في الأحساء واجه بعض التحديات والعقبات في بدايته عام ١٣٤٣ برفض المجتمع تغيير نظامهم التعليمي القائم على مدارس الأسر الشرعية وحلق المساجد، لذلك أمر الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- بإعادة المحاولة مرة أخرى عام ١٣٥٦ بإرسال الشيخ محمد النحاس لافتتاح المدرسة، وقد حرص على الوقوف على أسباب فشل من سبقه وعدم تكرار أسباب الإخفاق، وعرض فكرة التعليم على وجهاء الأحساء بصورة مغايرة وبأسلوب مختلف عمن سبقه وقد نجح نوعا ما في اختراق الرفض للتعلم النظامي وحرص أيضا على دعم هذا الاختراق بمن يعينه من أهل البلد، وقد اقترحوا له الذهاب إلى الشيخ عبدالرحمن الملا لعلمه وفقهه واتساع فكره وأفقه ودراسته في التعليم النظامي بالمدرسة الصولتية بمكة، كما اجتمع مع الوجهاء والعلماء الرافضين لفكرة التعليم النظامي ونجحت محاولاته المتكررة بإقناع العديد منهم وإزالة مخاوفهم.
إتاحة الفرص للجميع
أضاف الباحث عبدالله المطلق: إن من الجوانب التي حرص عليها الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- في السياسة الداخلية للمملكة، نشر التعليم الذي بذل فيه جهوداً كبيرة، وأعطى قسماً كبيراً من عنايته له، لغرض التوسع في فرص التعليم ونشره وإتاحة الفرصة لأفراد المجتمع كافة للالتحاق بمؤسسات التعليم، محاولة منه لإحياء الدولة والنهوض بها حضارياً، وإبراز مكانتها بين الدول بخطوات ثابتة ومتزنة، ليواكب بذلك شعور المنطقة من خلال تثقيف الشعب ونشر المعرفة بين صفوفه انطلاقاً من تشجيع طلاب العلم، وتعليم الأطفال في كل مكان وعلى نحو مستمر، ليغرس في نفوسهم روح العلم والإخاء الإسلامي، وظهرت نتائج تلك الجهود من خلال الإقبال الشديد من الشعب بكل فئاته على التعليم المنظم الذي غرس ثماره -طيب الله ثراه- وزيادة عدد المتعلمين، وظهور التعليم الجامعي والمتخصص في أعلى مستوياته.
وبين أن المدرسة الأميرية أو بيت الثقافة أو مدرسة الهفوف الأولى من أقدم المدارس الحكومية، والتي ارتبطت بتاريخ الملك عبدالعزيز آل سعود -يرحمه الله- وإنجازاته، فأسس المدرسة لتكون نقطة انطلاق التعليم في المنطقة الشرقية، وأقيمت في منطقة الأحساء على مساحة كبيرة حوالي 1200م، وتم افتتاحها في يوم 11 من محرم 1360هـ تحت رعاية أمير الأحساء حينها الأمير سعود بن جلوي، وتم إنشاؤها في البداية كمدرسة ابتدائية، ثم تم ضم المبنى لاحقا إلى المرحلتين المتوسطة والثانوية، وتعلم في المدرسة العديد من المسؤولين من بينهم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير مكة المكرمة الذي درس القرآن الكريم والسنتين الأولى والثانية الابتدائيتين، ووزير العمل السابق غازي القصيبي.
تشكيل أول مجلس للمعارف
أوضح المستشار التعليمي بالإدارة العامة للتعليم بالأحساء عبدالله الذرمان، أن الأحساء جزء إستراتيجي في خارطة الوطن، وحملت تاريخا عبقا فقد عرفت بنخيلها الباسقة ومياهها الوافرة، والتنوع المذهبي، والتعايش المجتمعي، واشتهرت منذ القدم بالعلم والأدب ووُصفت بأنها مدينة العلماء، وقصدها كثير للدراسة في مساجدها ومدارسها.
وأضاف إنه حين أعلن الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- توحيد البلاد جعل من أولوياته التعليم فبدأ يخطط في إدخال التعليم النظامي، وكانت الأحساء من المناطق التي بدأ التعليم النظامي فيها سنة 1356هـ حيث افتتحت مدرسة الأحساء الأميرية الأولى بمدينة الهفوف، وبعد نجاح المدرسة افتتحت مدرسة المبرز الأولى، ثم أخذ عدد المدارس ينمو عدديا وجغرافيا وخُصصت لاحقا مدارس لتعليم اللغة الإنجليزية، وافتتحت مدرسة ليلية لمكافحة الأمية، وإيمانا من أهمية المشاركة المجتمعية شُكّل أول مجلس للمعارف برئاسة الشيخ محمد آل عبدالقادر، وعضوية معتمد التعليم وبعض وجهاء الأحساء، وكان المعلمون الذين قاموا بالتدريس في المدرسة الأميرية عند افتتاحها هم كفاءات وطنية أحسائية وظَّفوا علمهم في إفادة الطلاب.
وأكد أن تعليم البنات حظي بالاهتمام فبدأ سنة 1380هـ وكانت الدراسة في أحد بيوت «آل جلوي»، ثم أخذت نسب التحاق الطالبات تزداد يوما بعد يوم، واليوم أصبح التعليم في الأحساء أنموذجا رائدا يعني بتخريج جيل يخدم دينه ووطنه ونفسه، وأظهر عدد من طلبة الأحساء تميزا في الحصول على الجوائز وامتلاك المواهب، فالأحساء أرض مباركة لم تنقطع خيراتها لتكون رافدا في بناء الوطن الغالي.
مرتكز لتحقيق التنمية
ذكر مدير عام التعليم بالأحساء حمد العيسى، أن اليوم الوطني حدث فارق، وتاريخ خالد امتلأت صفحاته بتضحيات كبيرة بدأت أوراقها مع دخول الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -يرحمه الله- مدينة الرياض سنة 1319هـ، فرسم بثاقب بصيرته مستقبلا مشرقا، ووجَّه اهتمامه بالتعليم بوصفه مرتكزا لتحقيق التنمية، وفي بدايات التعليم النظامي اختيرت الأحساء لتكون منطلقا مع بعض المناطق، وكانت سنة 1356هـ موعدا لفتح مدرسة الأحساء الأميرية، وقد بني لها لاحقا مبنى تكفلت الحكومة ببنائه بمشاركة بعض الأهالي وافتتح سنة 1360هـ برعاية كريمة من الأمير سعود بن جلوي آل سعود وبحضور الأمير عبدالمحسن بن سعود بن جلوي آل سعود، وجاء المبنى في أجمل تصميم وما زال باقيا، وهو من المواقع التي جعلت الأحساء ضمن قائمة التراث العالمي الإنساني لليونيسكو.
وأضاف: من مدرسة ابتدائية واحدة في مدينة الهفوف ضمت عددا محدودا من الطلاب إلى منظومة رائدة تضم مدارس في جميع مدن الأحساء وقراها وهجرها وتحتوي على أرقى التجهيزات وتمارس فيها أفضل الممارسات التدريسية، فبلغ عدد المدارس 710 مدارس حكومية و204 أهلية، وبلغ عدد الطلاب والطالبات 214.468 طالبا وطالبة، وتحقق هذا بفضل الله تعالى ثم بفضل دعم حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ثم مؤازرة أمير المنطقة الشرقية وسمو نائبه وسمو محافظ الأحساء.
وبين أنه من ثمار الدعم أن غدا اسم الإدارة لامعا في سماء الجودة إذ حصلت الإدارة على المركز الأول في فئة الإدارة المتميزة في جائزة التميز لوزارة التعليم، وحصلت بعض المدارس والمعلمين والمعلمات والطلاب والطالبات على جائزة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم وجائزة الشيخ خليفة التربوية، وشارك بعض أبنائنا الطلاب والطالبات في المشاركة في تمثيل الوطن وتحقيق الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية.
محو الأمية مسؤولية مجتمعية
أشار المؤلف خالد النعيم مؤلف كتاب الشيخ حمد بن محمد النعيم رائد التعليم الأهلي في الأحساء، إلى إدراك الشيخ حمد النعيم أهمية التعليم وقرر بناء مدرسة وأن يجعل من بيته مقرا لها، وبدأ بتعليم الأهالي القراءة والكتابة وعلوم الدين والتجويد، ولم يكتف الشيخ بكونه المعلم بل تحمل وحده تكاليف تعليم هؤلاء الشباب، من كتب وأدوات قرطاسية وأصبح بيته قبله العلم في مدينة الهفوف وأطلق على مدرسته اسم مدرسة النجاح التي تأسست في عام 1343هـ.
وفي رمضان من عام 1349هـ قام الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- بزيارة ميمونة مباركة لمدرسة النجاح الأهلية بالهفوف، وأقيم حفل كبير ألقى فيه الشيخ حمد النعيم كلمة عن تطور المدرسة، ثم ألقى بعده الطالب عبداللطيف حمد النعيم ابن الشيخ قصيدة شعرية وألقى الطالب خليفة عبدالله الملحم كلمة نيابة عن الطلاب، وقد أبدى الملك المؤسس إعجابه بما سمع ورأى، وأثنى على الشيخ حمد وشكر له جهوده، وأظهر فخرا بالطلاب وأهدى لهم جوائز قيمة، وانطلقت مدرسة النجاح في تأدية رسالتها، وأصبحت مثالا يحتذى في نشر العلم والمعرفة في الأحساء.