وقالت باحثة الدكتوراة في التاريخ الحديث والمعاصر أمل الدعجاني: حرص الملك المؤسس على أن يكون في قيادة موكب الحج منذ دخول الحجاز تحت حكمه حتى وفاته، فلم يذكر أنه تخلف عن ذلك إلا 6 مرات، وكان تخلفه إما لأسباب صحية أو لجمع نفقات الحج وتوزيعها على المحتاجين والفقراء كما فعل في حج عام ١٣٦٠هـ، أيضا حرص -رحمه الله- على تقديم الرعاية الصحية للحجاج من خلال توفير مقر وطبيب مكلف بمتابعة حالة الحجاج الصحية، ولم يكتف بهذا، بل عزز الجانب التعليمي لدى الحجاج بإنشائه مدرسة داخل المسجد الحرام تعتني بتعليم المطوفين ونوابهم التوحيد وأصول العبادات، وكلف عددا من المشايخ في ذلك الوقت للتدريس بها، وأذكر منهم الشيخ عبدالظاهر أبو السمح إمام الحرم المكي والشيخ محمد الفقي والبيطار وغيرهم.
كما عني بتوفير السقيا والمياه للحجاج، فشكل هيئة خاصة لرعاية مياه عين زبيدة وزيادة مواردها، كما أصدر عام ١٣٧٠هـ توجيها بالبحث عن عيون أخرى، وافتتحت العين العزيزية في ذلك الوقت.
رعاية الأيتام
وأضافت: افتتح أيضا مدرسة خاصة لرعاية الأيتام تولى إدارتها مباشرة القصر الملكي، كما افتتح عام ١٣٥٥هـ دارا للأيتام في مكة المكرمة، وحرص على تفقد مدارس الأيتام ودورهم بنفسه، فزارها عامي ١٣٥٧هـ و١٣٦٩هـ، وشكل هيئة خاصة تشرف على أعمال الدار، وكانت هذه الدور بمثابة النواة الطيبة للرعاية الاجتماعية في المملكة.
نشر العلم
واستطردت: عرف عن الملك عبدالعزيز أيضا تقديره واهتمامه بالعلم والعلماء، فقد حرص على طباعة الكتب ونشرها على الناس عامة وطلبة العلم خاصة، فكان يشتري مجموعة كبيرة من الكتب من المؤلف نفسه ويوزعها على الناس، فلم يكن يحرص على طباعة الكتب ونشرها فقط، بل على تشجيع المؤلفين أيضا من خلال شراء مؤلفاتهم منهم، ودمج المؤسس المطابع الأهلية في مكة المكرمة تحت ظل واحد وسماها «مطبعة أم القرى»، وكانت أولى الكتب التي طبعتها في عام ١٣٤٣هـ كتاب «مجموعة التوحيد» للإمام ابن تيمية والشيخ محمد بن عبدالوهاب، وكتاب «جامع المسالك في أحكام المناسك» للشيخ عبدالله بن بليهد، وكعادته -طيب الله ثراه- لم يقتصر على دعم الطلبة ونشر الكتب في الداخل، بل أولى طلبة العلم في الخارج جل اهتمامه، فنجد أن كثيرا من المطابع العربية والإسلامية في مختلف البلدان كانت تطبع الكتب على نفقته، وأذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر: «المطبعة المصطفوية» في بومباي في الهند، و«مطبعة المنار» في مصر، و«مطبعة الاعتدال» في دمشق، و«المطبعة السلفية» في مصر ومكة المكرمة.
أحوال الرعية
وتابعت: من الصور الجميلة الدالة على حرص الملك عبدالعزيز على رعيته ومراعاة أحوالهم، بعد ضمه الحجاز خفض رسوم المحصولات الداخلية إلى 5 % فقط بدلا من 25 %، وأيضا في عام ١٣٥٩هـ أمر -رحمه الله- بإلغاء قيمة أوراق المرور التي تعطى للتجار «المسابلين» إلى العراق والكويت، كما خفض الرسوم الجمركية على المواد الغذائية إلى النصف، وألغى في نفس السنة ضريبة النكال التي كانت غرامة مالية تؤخذ من المخالفين للآداب العامة، واكتفى بالإجراءات التأدبية الأخرى، وأعطى الناس المتيسر من الأموال، وجاء في بيانه حول هذا الأمر في برقية أرسلها إلى مالية بريدة: «أنتم اختاروا في أمرين إما تعطونهم دراهم بقيمة الأرزاق الحاضرة حسب السعر الواقع، وإلا تعطونهم أرزاق، الذي يكون أسهل عليكم اعملوه».
حقوق المساجين
وأردفت: كما عمل أيضا على حفظ حقوق المساجين والعفو عنهم إذا أمكن، وكان يختار وقت العفو عنهم في شهر رمضان المبارك ليخرجوا ويعيشوا فرحة الصوم والعيد مع أهاليهم، واستدل على هذا في برقية أرسلها -رحمه الله- إلى أمراء المناطق في رمضان سنة ١٣٦٨هـ، جاء فيها: «حالا شوفوا المساجين الذين عندكم واطلعوا على جرائمهم، فمن كان منهم باقي عليه شي للحكومة فقط فاطلقوه من السجن لأننا عفينا عن حقوق الحكومة، وإن كان أحد منهم عليه حقوق الناس أو يجوز إطلاق سراحه بأمر شرع فاخبرونا به وبجرمه وبيجيكم منا جواب عنه».
لم يغفل أي جانب في العمل الخيري سواء في الداخل أو الخارج
اهتم بأحوال الحجاج ووفر لهم الرعاية الصحية والسقيا والمياه
وضع طلبة العلم في مقدمة اهتماماته ودعم المؤلفين بشراء كتبهم
«العفو وحفظ الحقوق والإنسانية» كانت شعارات تعامله مع المساجين