وقد لاحظنا في التغيرات التي واكبت الرؤية الوطنية بالمملكة العربية السعودية الاهتمام بتطوير أنظمة وتشريعات مراقبة الأداء والمحاسبة من ذلك مركز «أداء» لتقييم المؤسسات الحكومية وديوان المراقبة والمحاسبة وهيئة الرقابة ومكافحة الفساد، والتي ساهمت بدورها في تعزيز قيم النزاهة ومكافحة الفساد في بيئة العمل ضمن جهودها في القطاعات الحكومية.
قد يكون من المحرج إشهار الأخبار السيئة عن جهات حكومية في ظل التنافسية إقليميا وعالميا على تحسين السمعة والصورة الذهنية وتحقيق أعلى المؤشرات العالمية بينما قاعدة «الأسوأ قبل الأفضل» - كما وصفها المفكر الإداري الشهير بيتر سينغ - تعد من وسائل تشجيع النمو المؤسسي وتحسين الأداء وإشراك الموظفين في التغيير والتطوير من خلال الاستماع لهم عن التحديات التي تواجههم والاستفادة من الكفاءات لمعرفة مكامن الخلل وما يجب إصلاحه وكيفية إصلاحه.
ويتبع هذا الأسلوب الإداري إحدى أكبر الشركات المالية في العالم وأنجحها «بريدج ووتر اسوشيتس»، التي يقودها رائد الأعمال والمستثمر العالمي راي داليو، حيث تعلن سنويا في حفل رسمي عن أسوأ المدراء لديها، ومن ثم ماذا عمل لاحقا لتحسين أدائه وإنجازاته أو ترك المنصب القيادي لغيره.
الشفافية والإفصاح من مبادئ الحوكمة، والخوف من اللوم وبيئة العمل غير الآمنة قد تحجم من الشفافية في الإفصاح عن تدني أو التراجع في الأداء أو المخالفات الإدارية والمالية، وشخصنة الانتقادات في الأداء والتي تصل إلى الشكاوى القانونية تجاه الناقدين ومنها مؤسسات إعلامية حتى لا يكشف عن تدني الخدمات وضعف رضى المستفيد.
والإفصاح عن الأداء السيئ لن يساعد فقط على تحسين الخدمات ورضى المستفيد وإنما سيشجع على جذب المستثمر الأجنبي، وقد نشر مؤخرا في مجلة هارفارد بزنس رفيو مقال من بحث علمي على المستثمرين الأجانب في 40 شركة خليجية بأن الشفافية في كشف الأخطاء هي من المحفزات الكبرى على الاستثمار الأجنبي مع التخوف في الاستثمار بالدول المتكتمة في عرض مشاكلها لأن هذا مؤشر عن ضعف أنظمتها الرقابية في الأداء وكشف الفساد والمحاسبة والمقاضاة.
قياس رضى المستفيد عن الخدمات الحكومية هو الهدف الرئيسي من الجودة والتطوير والتميز المؤسسي، ولذلك تهتم القيادة الحصيفة بالأداء والرقابة والمحاسبة، والتنمية كذلك كما أعلن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مؤخرا برنامج تنمية القدرات البشرية.
والأداء الجيد ينعكس من تقديم الخدمات بصورة مرضية، ومن قبل مقدم الخدمة الذي هو شريك أساسي ومستفيد أيضا، وصوته واحتياجاته مهمة في تحسين الخدمة ومعرفة مكامن الخلل، وهذا يتطلب تحفيز الأكفاء وحثهم على نقل المعرفة وتقديم المشورة لزملائهم والأخذ باقتراحاتهم، وتأمين بيئة آمنة خالية من اللوم لتجنب إخفاء الأخطاء والممارسة المهنية الدفاعية، ومساعدة الموظفين المتعثرين في توضيح أسباب تعثرهم ومنحهم فرصة للتحسين قبل البت في شأنهم كما سيحصل الآن مع لائحة الانضباط الوظيفي.
DrLalibrahim@