خروج الولايات المتحدة من أفغانستان بهذه الصورة المفاجئة والمخزية جعلنا نسترجع العديد من آراء الكتاب والمفكرين حول مستقبل الرأسمالية الغربية، لا سيما المتعلق بموضوع المنهجية السياسية الأمريكية نفسها، فلو تأملنا كتابات العديد من المفكرين الأمريكان المصنفين من العيار الثقيل لوجدناهم دائمي التحذير من مغبة العجرفة في نمطية النهج السياسي، كما حصل في حرب فيتنام وما نتج عنها من خسائر جسيمة وخسارة عسكرية مدوية، أو كما حصل إبان الغزو الأمريكي لبغداد وكابول، كردة فعل متهورة غير محسوبة النتائج بعد انهيار برجي التجارة العالمية في نيويورك، ففي كتاب نشوء وسقوط القوى العظمى للكاتب بول كينيدي تحدث الكاتب بصراحة عن احتمالية أفول أو اضمحلال الحضارة الغربية كنظام سياسي واقتصادي بغض النظر عن صعود ونجاح التنين الصيني، وهذا ما كان يردده قديما المؤرخ الأمريكي ألفين توفلر في كتاباته وتنبؤاته.
وأخيرا،، لا شك أن الإنسانية عموما تدين بالفضل للحضارة الغربية نظير ما قدمته من قفزات جبارة على كافدة الأصعدة الإنسانية والعلمية والاقتصادية والإدارية، بيد أن الوحشية التي كثر الحديث عنها هذه الأيام كمتلازمة تاريخية للرأسمالية الغربية حوَلها كمؤشر تاريخي يعكس صورة التراجع والانهيار، يقول الأستاذ عبدالسلام فاروق: لماذا توصل العلم والبحث الطبي إلى ابتكار نحو عشرة لقاحات لفيروس كورونا خلال فترة وجيزة، بينما أخفقت ذات الشركات أمام الإيدز والسرطان وفيروس الكبد الوبائي رغم مرور عشرات السنين ؟، السر كله يكمن في جشع ووحشية شركات الدواء الأمريكية والأوروبية والتي تشكل العمود الفقري للرأسمالية الغربية.
@albakry1814