وأكد الكاتب والأكاديمي والمستشار الإعلامي د. محمد العطيفي، أن معارض الكتب ما زالت تتيح لدور النشر أن تعرض كتبها بالكامل سواء إلكترونية أو ورقية، ومن يزور تلك المعارض سيرى أن الكتاب الورقي له وهجه عند الكثيرين، ودلالة على ذلك فإن نسبة كبيرة ممن شاركوا في إحصائية المركز السعودي لاستطلاع الرأي العام حول واقع القراءة في المملكة في ظل وسائل التواصل الاجتماعي، لا يزالون يقتنون الكتب الورقية ويبحثون عنها.
وأضاف: على الرغم من كل المغريات التي يقدمها الكتاب الإلكتروني، فإن الورقي لا يزال موجودا ولديه فرصة ليواكب التحولات التي حدثت في المواد والوسائل الأخرى، لأنه لا توجد وسيلة تطغى على الأخرى بشكل دائم، ابتداء من الراديو إلى التليفزيون إلى السينما وغيرها، فكل وسيلة تحاول أن تتأقلم مع الواقع الجديد، والكتاب الورقي أيضا سيكون له بصمات في المستقبل.
وأشار العطيفي إلى أن المغريات التي يقدمها الكتاب الإلكتروني تكمن في سهولة نقله، والقدرة على التحويل والشراء من مكان إلى آخر، بعكس الكتاب الورقي الذي يستلزم ذهاب الشخص بنفسه واقتنائه، فهل سيتم التغلب على هذه الأمور؟ وهل ستكون الطباعة أقل كلفة فبالتالي يصل الكتاب بشكل أسرع إلى القارئ؟ هذا ما سيكشف عنه المستقبل، وحتى الآن نحن أمام الكتاب الورقي الذي يحاول أن يأخذ حصته في السوق.
وحول موقع الكتاب المسموع من هذا الاستطلاع، قال: الكتاب المسموع لا يزال في طور التبلور، والاستطلاع أوضح أن أغلب الناس لم يألفوه بعد، بالرغم من أنه بدأ بشق طريقه وله راغبوه، ويتميز بأنه يستطيع الوصول لمن لا يبصرون ولا يقرأون، وهذه ميزات جيدة أتوقع أن يحصل على نصيب أكبر في المستقبل.
مقارنة خاطئة أما الكاتب والعضو المؤسس لدار نشر تابعة لإحدى المنصات الثقافية عمر البدران، فيرى أن المقارنة في حد ذاتها غير صحيحة، كون المنتجين يختلفان عن بعضهما البعض من ناحية اختلاف الجمهور، وحتى إذا زاد جمهور الكتب الإلكترونية وقل جمهور الورقية في فترة من الفترات، إلا أننا الآن نرى عودة كبيرة للكتب الورقية، وأصبح الناس يلاحظون أن الإلكتروني ليس بديلا للورقي، لأن المتعة في اقتناء الكتاب الورقي لا تزال موجودة، وهي متعة تأتي من خلال التصفح أو الشعور بالكتاب في يد القارئ وتقليب صفحاته، خصوصا مع كثرة انتشار التقنيات والأجهزة الإلكترونية في عصرنا، فالكتاب هو فعليا نوع من الهروب إلى هذا الواقع، وهروب من التقنية، والانتقال إلى وسط بسيط يعبر عن الكلمة التي تعطي مساحة للخيال، بعيدا عن هذه الأجهزة التي قد تشتت ذهن القارئ خلال قراءته للكتاب الإلكتروني.
وأضاف: تكمن متعته أيضا في أن الكثيرين يفضلون تزيين المنازل والأماكن بالكتب الورقية، التي تمنح أيضا فضولا مستمرا للقراءة والمعرفة، ولكن هذا الفضول لن يأتي من «التقليب» في الجهاز الذي يحمل كتابا إلكترونيا، فالإقبال لا يزال مستمرا وبقوة للكتاب الورقي الذي لا يزال ينبض بالحياة، ومعرض الكتاب والزحام فيه أكبر دليل على ذلك.
قلة الانتشار
وقال صاحب أحد متاجر الكتب راكان الشمري: أرى أن ثقافة اقتناء وقراءة الكتاب الإلكتروني في المملكة والوطن العربي لا تزال ضعيفة وقليلة الانتشار والرواج، وذلك يعود لعدة أسباب، أبرزها أن ليست جميع الكتب متوافرة إلكترونيا، بمعنى أن أغلب دور النشر لم تحول كتبها إلى كتب إلكترونية للبيع، لذلك الحكم هنا صعب ونستطيع الحكم حينما تكون كل الكتب الورقية حولت إلكترونيا، هنا نرى عملية البيع والشراء ونستطيع الحكم، فالكثير من الكتب المهمة لم يتم تحويلها، أما الكتب التي تحولت إلكترونيا فهي نسبة قليلة جدا تكاد لا تذكر مقارنة بالأخرى المطبوعة ورقيا.
وأضاف: الكثير من جهات النشر تحارب قرصنة الكتب، لذلك فإن القراء غير مهيئن أساسا للتوجه للكتاب الإلكتروني، ولا يزال القراء يهتمون بالقراءة الورقية، كما أن عميل المكتبة ومعرض الكتاب يختلف تماما عن العميل الذي يشتري الكتب عبر المواقع الإلكتروني، فالأول لا يزال يحب أن يتصفح ويمسك الكتاب بيده ويضعه في مكتبته، وأن يصور ما يقرأ من الكتاب ويتباهى به، فإذا تحولت الكتب إلكترونيا كيف سيحقق ذلك كله؟
ألق وتأثير
وأكد عبدالرحمن الخلف من إحدى الدور المهتمة بالنشر المطبوع والإلكتروني، أن معرض الرياض للكتاب يثبت سنويا أن الكتاب الورقي باق وله جمهوره وألقه وتأثيره، ولا يمكن الاستغناء عنه لصالح الكتاب الإلكتروني مهما تطورت الوسائل، مبينا أن الدليل على ذلك أن الجيل الجديد المتعلق بالأجهزة الإلكترونية واللوحية ما زالوا من رواد معارض الكتب، ولا يزال الشباب يلجؤون ويطلبون بشغف ونهم الكتاب الورقي، فهذا دليل على أنه له وجوده وأهميته.
وأوضح أن الفارق الحقيقي بينهما هي الحميمية بين القارئ وما يقرأه، ورائحة الورق وعلاقة الكاتب والقارئ، وهذه لا تأتي من خلال الكتاب الإلكتروني، كما أن هناك العديد من الدراسات التي توضح حجم الانشغال أثناء القراءة الإلكترونية، ما يقلل التركيز والعلاقة الروحية بين الكاتب والقارئ، وهذا يمنح الأفضلية للكتاب الورقي، مع عدم إلغاء دور الكتاب الإلكتروني، فيظل له جمهوره وله حاجة للتوثيق والسهولة في النشر مع مراعاة الحقوق، والإشكال فيه هو ضياع الحقوق، رغم أن هيئة الملكية الفكرية لها جهود في هذا المجال، ومع ذلك لا تستطيع تغطية جميع المواقع بالتأكيد.
نتائج مخالفةوعلى عكس الآراء السابقة، أثبتت نتائج الإحصائية التي أصدرها المركز السعودي لاستطلاع الرأي العام حول واقع القراءة في المملكة في ظل وسائل التواصل الاجتماعي، أن الكتاب الإلكتروني يقرأ أكثر بنسبة 30 % عن الكتاب الورقي الذي يقرأ بنسبة 22 %، أما القراءة بشكل عام في مختلف أنواعها ومجالاتها فإن نسبة السعوديين الذين يفضلون القراءة الورقية 28.4 %، بينما 71.6 % منهم يفضلون القراءة الإلكترونية.
واستهدفت الإحصائية شريحة عشوائية من المواطنين في عمر 18 عاما فأكثر، وبلغ مجموع العينة 769 شخصا خلال العام الحالي 2021، واستعرضت النتائج خلال ندوة ضمن البرنامج الثقافي لمعرض الرياض الدولي للكتاب.
المطبوع يعطي مساحة أكبر للخيال بعيدا عن الأجهزة المشتتة للذهن
دراسات: «الرقمي» يقلل العلاقة الروحية الوثيقة بين الكاتب والقارئ
استطلاع: «الإلكتروني» يتفوق في المملكة بنسبة 30 % و22 % للورقي