DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة الهادي الأمين لـ«اليوم»: المملكة تعمل بطريقة استباقية «منعية» للعمليات الإرهابية

المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة الهادي الأمين لـ«اليوم»: المملكة تعمل بطريقة استباقية «منعية» للعمليات الإرهابية
المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة الهادي الأمين لـ«اليوم»: المملكة تعمل بطريقة استباقية «منعية» للعمليات الإرهابية
أ. الهادي الأمين
المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة الهادي الأمين لـ«اليوم»: المملكة تعمل بطريقة استباقية «منعية» للعمليات الإرهابية
أ. الهادي الأمين
شدد المتخصص في شؤون الحركات المتأسلمة والإرهابية أ.الهادي الأمين، أن الخلايا الإرهابية المسلحة التي ظهرت مؤخرا في الخرطوم هي من مخلفات نظام المخلوع عمر البشير، لافتا إلى أنها موجودة بالسودان وفق خارطة انتشار واسعة وكبيرة منذ العهد البائد، وأوضح أربع مراحل لظهور ونمو التنظيمات المتطرفة في البلاد.
وأشاد في حواره مع «اليوم» بالإجراءات السعودية الاحترافية التي تتخذها الرياض في مواجهة ومكافحة الإرهاب عبر العمليات الاستباقية وكبح تمويله.
وفي الشأن السوداني لفت إلى توفر «البيئات المتأزمة» التي تساعد في ارتفاع حالات التطرف، موضحا أنها ترتبط بالأزمات الاقتصادية، وانسداد الأفق السياسي، ما يمهد لـ«الاصطفاف الإيديولوجي» هناك، وفيما يخص التجاذب بين المكونين العسكري والمدني بشأن تبعية الأجهزة الأمنية، قال: من المفترض أن تكون «مكافحة الإرهاب» بعيدة ومستقلة تماما عن أي صراع سياسي.. فإلى متن الحوار:
- ظهور مكثف لعناصر إرهابية في العاصمة السودانية، إلى من تنتمي، وكان بيان المخابرات قد أشار إلى أنها من «داعش»؟
أولا هذه التشكيلات المسلحة هي واحدة من إفرازات أو مخلفات النظام البائد، وجاء الظهور المفاجئ نتيجة ظروف أو تحديدا للتطورات السياسية والأمنية والاقتصادية الراهنة والتحولات التي حدثت في السودان، ثانيا، من المؤكد أن هذه الخلايا وفقا للمشاهدات لا تنتمي لتنظيمي «داعش والقاعدة»، والراجح أنها مجموعات مصرية مسلحة كانت مستوطنة بالخرطوم.
- عمليات «جبرة وشرق النيل وأم درمان»، واعتقال إرهابيين ومقتل بعضهم، وخسرت القوات السودانية أكثر من 5 ضباط، هل في اعتقادك ما زالت الخرطوم مخبأ لجماعات أخرى؟
الخلايا الإرهابية منتشرة في السودان وفق خارطة انتشار واسعة وكبيرة، وأنا لا أقصد في الوقت الحالي؛ فهم موجودون منذ عهد البشير البائد، وما ظهر حاليا هو جزء من «كل» والقبض على بعضها في الأيام القليلة الماضية لا يعني انتهاءها.
- ماذا عن بيان المخابرات الأخير الذي أشار إلى أنهم رصدوا 700 عنصر إرهابي موجد في الخرطوم؟
ربما يفوق العدد هذه الإحصائية، وذلك لأن السودان كما قلت احتضن في عهد النظام السابق مجموعات كبيرة من العناصر الإرهابية والتنظيمات، وهنا سأُمرحل لك بداية دخولها البلاد تحت رعاية ومباركة البشير، فالإرهاب ارتبط بحكومة «الإنقاذ» في 1989، وفي 1991 حدث تحول في البلاد بانتهاء حرب الجهاد الأفغاني ضد السوفييت، فاستقر معظم «العرب الأفغان» في السودان، والبشير أسس حينها لما يعرف بـ«سياسة الباب المفتوح»، لاستيعاب تلك العناصر للاستقرار في الخرطوم، وكانت هذه البداية، ثم جاءت حرب الخليج الثانية واحتلال العراق لدولة الكويت، وكانت هناك مجموعة من الدعاة موجودة في دول الخليج مثل عبدالحي يوسف ومحمد عبدالكريم وغيرهما، وأصبحوا وقتها غير مرغوب بوجودهم هناك، وتقرر طردهم، ووصلوا إلى السودان وبدؤوا في نشر التطرف، وهذه المرحلة الثانية، وشهدت أحداث عنف منها مجزرة مسجد الشيخ أبو زيد في 1994، التي نفذها الليبي محمد الخليفي ومعاونوه السودانيون ياسر محمد علي وعبدالباقي يوسف، وراح ضحيتها 16 قتيلا، ثم بعدها مجزرة مسجد أبو بكر الصديق بمنطقة «الجرافة»، ونفذها عباس الباقر في ديسمبر 2000، وراح ضحيتها 20، وكذلك لا ننسى محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في أديس أبابا.
أما الثالثة، فمع أزمة دارفور وظهور القوات الأممية، ما خلق واقعا جديدا، ويضاف إليها اتفاق جوبا مع رئيس الحركة الشعبية جون قرنق، وهي مؤثرات ساعدت في نمو الحركات وتمددها بنسق جديد يواكب تلك المستجدات، فطفت إلى السطح محاولات لاستهداف الوجود الأجنبي والبعثات الدبلوماسية، ففي 2007 ظهرت خلية «السلَّمة»، وجاء مقتل الدبلوماسي الأمريكي جون مايكل غرانفيل وسائقه السوداني مطلع عام 2008، ثم هروب القتلة باتجاه الصومال وانضمامهم لحركة «الشباب».
ومع اندلاع ما يسمى بـ«الربيع العربي» في 2011 وظهور «داعش»، تأثر السودان فشهدت البلاد انضمام عدد كبير من طلاب الجامعات لـ «داعش»، وقاتلوا مع «الشباب» الصومالية و«بوكو حرام» في نيجيريا و«أنصار الشرعية» وداعش في ليبيا والعراق وسوريا.
أما الأخيرة، فالفترة الانتقالية بالسودان تعتبر الرابعة في تطور ونمو الإرهاب، وهي في اعتقادي الأخطر، بالانتقال من واقع إلى آخر، وظهور «الاستقطاب»، فهناك فريق يساري متطرف يدعو إلى «العلمانية» وفصل الدين عن الدولة، وآخر إسلامي متطرف يرفض ما يدعو إليه الفريق الأول، والجدل بشأن اتفاقية «سيداو» و«النظام العام» والقانون الجنائي والحدود، فالتجاذب دائما موجود بين الطرفين، وكلها وفرت مناخا سيُولد مزيدا من الاحتقان وبالتالي التطرف، وهذا جانب، أما الثاني فيسمى «البيئات المتأزمة» وهي تساعد في ارتفاع حالاته وترتبط بـ«الأزمات الاقتصادية، وانسداد الأفق السياسي»، وزيادة «الاصطفافات الإيديولوجية» ما يولد أيضا مناخا وبيئة لذلك.
نظام البشير رعى ودعم الإرهاب في المنطقة على مدى ثلاثة عقود (اليوم)

- هذا يقودنا لجانب سياسي، هل التوقيت مناسب لتسليم الشرطة والمخابرات للمكون المدني؟
هذا بطبيعة الحال من المخاوف، ولا أقصد نقل الجهازين للمدنيين، ولكن استخدام «ورقة الإرهاب» كعامل ضغط ومساومة في الصراع بين مكوني الحكم، وخطورة هذه المسألة ظهرت منذ محاولة اغتيال رئيس الحكومة د. عبدالله حمدوك في مارس 2020، فعند تحليلنا للحادثة نجد أنها «محاولة» وليست «اغتيالا»، إذا قصد منها توصيل رسالة في بريد حمدوك «إن هناك جهات مؤثرة وفاعلة لا يمكن إقصاؤها من المشهد، لا يمكنك أن تحكم بمعزل عنها، وإن حاولت، كما فعلت دول من حولنا بإبعادها من السلطة، فنحن موجودون ويمكننا اغتيالك في المرة المقبلة».
وهنا نجد أن التطرف قد استخدم «ورقة سياسية»، وفي رأيي أن ظهور الخلايا الإرهابية في هذا التوقيت ربما فيه رسالة من المكون العسكري إلى المدنيين فحواها: «نمتلك القدرة على مواجهة وحسم تلك الظواهر وتقديم شهداء من أجل الحفاظ على الوطن، وهذا تخصصنا وعملنا».
ومن المفترض أن «مكافحة الإرهاب» تكون بعيدة ومستقلة تماما عن أي صراع سياسي.
- محاولة اغتيال حمدوك، رغم مرور أكثر من عام ونصف عليها لم يكشف حتى اللحظة عما وصلت إليه «التحريات» وما انتهت عليه، ما رأيك؟
البصمة أو اللونية تشبه جزءا من المعادلة الحاكمة، والنظام البائد بعد إبعاده من السلطة واستفاقته من الانقلاب عليه، كان خيار العنف بالنسبة له مطروحا، وكان يعمل على أن يحول الخرطوم إلى «نقطة مشتعلة»، ولكن بعد فترة بسيطة وجدت عناصره «أنه لا ضرورة لذلك»، لأن الحكومة الحالية «هشة»، فوجد منسوبو البشير المنتشرون في الدوائر الحكومية والقوات النظامية أن العمل على عرقلة جميع خطواتها هو خيار أفيد وأنفع من العنف، إذا محاولة اغتيال حمدوك كما قلت لك سابقا إيصال رسالة، ولا أستطيع أن أتهم النظام السابق بتنفيذها صراحة، ولكن «شكلا» من «تكتيك وخطة وتنفيذ» تشير إليه.
بخصوص عدم الإعلان عن هوية المنفذين هناك غرابة في هذا الأمر، فمن المستحيل مرور أكثر من عام ونصف على محاولة اغتيال رئيس دولة دون الكشف عن ملابساتها أو المسؤول عنها، وهنا تستحضرني مراكز مكافحة الإرهاب والتطرف في دول الجوار، ومثال لذلك المملكة العربية السعودية، فالمركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف «اعتدال» يعمل بطريقة احترافية واستباقية و«منعية» للعمليات الإرهابية، فقبل تنفيذ أي هجوم أو اعتداء تعتقل جميع العناصر المتطرفة قبيل محاولاتهم لزعزعة الأمن والاستقرار، ومنها تكشف في بيان أو إعلان يكشف تفاصيل «العملية الاستباقية» للأمن السعودي ويوضح المخطط وهوية المقبوض عليهم، وكل هذا في زمن قياسي، بجانب «مركز استهداف تمويل الإرهاب»، وفي مصر أيضا ستجد تفوقا أمنيا كبيرا في مكافحة الجماعات والتنظيمات الإرهابية، وهذا لم يحدث مع محاولة اغتيال حمدوك رغم مشاركة «أف بي آي» في التحقيقات.
وفي إحدى كتاباتي وصفت ما حدث لحمدوك أنه إرهاب الظل، وأطلقت عليه «الإرهاب مجهول الأبوين» فليس هناك من يتبناه أو ينسبه إليه، وهذا ما رأيناه في حوادث «جبره وشرق النيل وأم درمان».
مر عام ونصف ولم تصدر أي اتهامات أو تكشف هوية منفذي محاولة اغتيال د. حمدوك

- طالب البعض ممن يحسبون على المؤتمر الوطني المحلول بإعادة «هيئة العمليات» في المخابرات باعتبارها الأقدر على مواجهة الإرهاب بحكم تدريبها وخبرتها، فيما قال آخرون إنها من أدوات قمع البشير، أي الرأيين تؤيد؟
بالمناسبة التجربة السودانية في مكافحة الإرهاب قصيرة وحديثة مقارنة مع مصر والسعودية وباكستان، فهذه الدول لها تجارب طويلة مع الحوادث الإرهابية وبالتالي تمتلك رصيدا واسعا في مواجهة التطرف وجماعاته، والسودان نجده يمتلك ما يميزه عن تلك الدول وبقية العالم، فالنظام على مدار 30 عاما كان «راديكالي أصولي» ويعتبر الحاضن والراعي الرسمي للكثير من التنظيمات التي تعد جزءا منه واستخدم بعضها في ابتزاز وإرهاب بعض الدول، ولذلك نجد أن القوات الأمنية تعرف مفاتيح تلك الجماعات والتعامل معها وأماكن وجودها، فالإرهاب يحتاج لقوات ذات طبيعة مختلفة، إن لم تتفوق عليها في العتاد والتجهيز، تكون في موازاتها لهزيمتها، وهذا جانب مهم ولكنه لا يبرر عودة «هيئة العمليات»، وإذا أسسنا لقوات جديدة وفق تدريب عال سنجد أنها أيضا لا تمثل الند للجماعات الإرهابية، فهذا الأمر يحتاج لقوات تمتلك الخبرة، وجهاز المخابرات خلال العمليات الأخيرة تكبد خسائر أعتبرها «نادرة» باستشهاد 5 من ضباطه، بسبب عدم الجاهزية، وهذا في رأيي تحد يجب أن نضعه نصب أعيننا، كيف نواجه الإرهاب بهذه الإمكانات المتواضعة.
رئيس مجلس السيادة السوداني يستقبل وزير الخارجية الأمريكي السابق العام الماضي

- مصادرة أموال ومؤسسات لحركة حماس، وهي مصنفة إرهابية في القائمة الأمريكية، وتعبر عن تنظيم «الإخوان»، الخرطوم.. خاطبت من بهذه الإجراءات؟
هذه الإجراءات بدأت في السنوات الأخيرة لنظام البشير، لإصلاح العلاقات مع أمريكا ولفت انتباه إسرائيل، وكانت هناك خطوات قطعت شوطا كبيرا، ومن بين الاشتراطات على طاولة المباحثات أن توقف الخرطوم أي دعم لحماس وتبتعد عن أي علاقة مع «حزب الله» اللبناني، وهذا بدأ في 2014، أما بخصوص حماس تحديدا، ففي آخر مؤتمر للحركة الإسلامية قبيل اندلاع الثورة، لم يتطرق البيان الختامي لا من قريب أو بعيد لموقف السودان من حماس، بل لم يشر إلى فلسطين باعتبارها قضية العرب والمسلمين الأولى، وهذا يعطيك إشارة إلى أن النظام يحاول لفت انتباه المجتمع الدولي وقتها أنه اتخذ خطوات لتحجيم و«قصقصة» وكبح تمويل وإسناد حركة حماس، خاصة أن «الإخوان» كانوا الداعم الأول للحركة ماليا ولوجستيا بتهريب السلاح القادم من إيران عبر البحر الأحمر، إلى الحركة من خلال العريش ومعبر رفح سيناء أو قوافل الدعم السودانية التي كانت تصل إلى غزة، علاوة على تأسيس منظمات عديدة في الخرطوم وكلها واجهات كانت تدعم حماس وتحت رعاية الحركة الإسلامية السودانية، بل كانت هناك ميزانية مخصصة داخل وزارة المالية وديوان الزكاة، توجه لتلك الواجهات والاتحاد العام لعمال السودان كان يستقطع جزءا من رواتب العمال لدعم حماس، إذن الإجراءات المتخذة الآن ليست جديدة، بل هي استمرار لما سبق.