وتابع يقول: وجدت استطلاعات الرأي العام مرارا وتكرارا دعما متعددا على الأقل لسحب القوات الأمريكية من «أطول حروبنا». ولفت إلى أن الأمر لم يكن موضوعا للجدل بين المعلقين الإعلاميين والمطلعين في واشنطن. وأضاف: من يمكنه الاختلاف، باستثناء القليل من الأمور التي لا يمكن التوفيق بينها؟ من المؤكد أن الديمقراطيين لم يشككوا في هذه الحقيقة التي تلقوها، ولا الكثير من الجمهوريين، في خضوع لتأثير ترامب.
الحكمة التقليدية
ومضى بولتون يقول: كانت الحكمة التقليدية وحججها بسيطة، لماذا غزونا قبل 20 عاما، مبددين الأرواح والمال؟ يجب على الأفغان الدفاع عن أنفسهم، لقد كانت حركة طالبان معتدلة، وتتوق إلى قبول المجتمع الدولي، كما انحسر التهديد الإرهابي العالمي، وكان يجب أن ينتهي هوسنا بالشرق الأوسط حتى نتمكن من «الاستدارة» إلى آسيا، كما حان الوقت للتركيز على «بناء الأمة» في الداخل، وعلى تغير المناخ.
وأردف: ثم جاء الانسحاب الفعلي، كان الانهيار السريع للحكومة الأفغانية وجيشها الوطني، وعودة طالبان إلى السلطة في كابول، ومشاهد الموت والرعب المؤثرة وسط جهود محمومة لإجلاء المواطنين الأمريكيين والأفغان الذين عملوا معنا طوال عقدين من الزمان، أمرا مذهلا للغاية لا يمكن تجاهله.
وبحسب «بولتون»، واجهت الحكمة التقليدية لواشنطن الواقع وذابت بسرعة كالجيش الأفغاني.
وأضاف: لكن الحكمة التقليدية ليست شيئا إن لم تكن مرنة، وسرعان ما خلصت إلى أنه في حين أن الأمريكيين رفضوا بأغلبية ساحقة كيفية تنفيذ الانسحاب، فإنهم مع ذلك ما زالوا يتفقون مع بايدن وترامب بشأن قرار الانسحاب الأساسي.
واستطرد: مع ذلك، هناك سبب قوي للاعتقاد بأن الحكمة التقليدية قد تعثرت مرة أخرى، حيث بدأ الأمريكيون يدركون أن الانسحاب له عواقب إستراتيجية أكثر عمقا من مجرد إجلاء القوات الأمريكية.
ولفت إلى أن جلسات الاستماع الأخيرة في الكونغرس، إضافة إلى المزيد من الجلسات القادمة، تبصرنا بإعادة التفكير فيما تحفزه الملايين من شاشات التلفزيون التي تصور نتائج انسحابنا التي يمكن التنبؤ بها بالكامل.
ومضى يقول: بالنسبة للمبتدئين، قدمت طالبان أدلة وافرة على أنها لم تقم بالتحديث أو الاعتدال، ولم تعين أي امرأة في حكومتها الجديدة، أثبتت القاعدة أنها أكثر عددا وأكثر اندماجا في طالبان بشكل أسوأ مما أشارت إليه الأمم المتحدة ودراسات أخرى.
الهجمات المتجددة
وأشار بولتون إلى استحواذ الإرهابيين في الشرق الأوسط على «انتصار» طالبان، حيث بدأ المتطرفون الأجانب في العودة إلى أفغانستان.
وأردف: لسنوات، فشل الرؤساء في كلا الحزبين في إثبات مبرر البقاء في أفغانستان، من الواضح أنهم لم يصدقوا أننا كنا أكثر أمانا في نشر القوات هناك بدلا من مجرد الدفاع ضد الهجمات الإرهابية المتجددة في الشوارع والأجواء فوق أمريكا.
وأضاف: من المنطقي أنه عندما لا يسمع المواطنون القادة يدافعون ويشرحون بشكل مناسب عن «الدفاع عبر الهجوم»، فإنهم لن يؤيدوا ذلك، ومع ذلك، كان هذا هو المنطق الأساسي الكامن وراء وجهة نظر البنتاغون طويلة الأمد بأن الوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان كان بمثابة بوليصة تأمين مهمة لحماية الوطن بشكل مستدام.
وأردف: لم تكن القدرات العسكرية المنتشرة هناك فقط ومهمة الناتو التكميلية للتدريب والمساعدة فقط، ولكن برنامج جمع المعلومات الاستخبارية الذي اعتمد على البنية التحتية للجيش وقدرته الوقائية للقيام بعمل حاسم بشأن الإرهاب في أفغانستان والمخاطر الناشئة من باكستان وإيران على حدودها، وكانت هذه حججا طُرحت مرارا وتكرارا لكل من ترامب وبايدن.
ومضى يقول: على عكس تأكيدات بايدن العفوية، عارض كبار القادة العسكريين الأمريكيين بالإجماع تقريبا سحب جميع القوات، وعلى نفس القدر من الأهمية، لم تكن العواقب المدمرة لمفاوضات إدارة ترامب مع طالبان، التي أسفرت عن اتفاق الدوحة في فبراير 2020، مفهومة جيدا حتى بين صانعي السياسة في واشنطن، ناهيك عن عامة الناس.
وأردف: شهد رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي وقائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال فرانك ماكنزي أمام الكونغرس بأن اتفاقية الولايات المتحدة وطالبان كان لها تأثير مدمر على روح كل من الجيش الأفغاني والحكومة المدنية.
وتابع: من خلال عدم الاعتراف بهذه الحكومة بشكل فعال، تسببنا في انهيار الروح المعنوية بما اكتسح سنوات من تدريب القوات الأفغانية وتجهيزها.
رحيل أمريكا
ومضى يقول: بالنظر إلى المستقبل، الآن بعد أن أصبح رحيل أمريكا العسكري من أفغانستان حقيقة وليست مجرد افتراض، فإن السؤال السياسي الرئيسي هو ما إذا كان الرأي العام يدرك التهديدات المتجددة من الإرهاب.
وتابع: من المؤكد أن سياسة الأمن القومي الأمريكية يجب أن تستند إلى مصالحنا الأساسية لا السياسة الأمريكية المحلية، وبالتأكيد ليس استنادا إلى تقلبات استطلاعات الرأي العام.
وأضاف: مع ذلك، فإن الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة Super PAC تشير إلى تحولات كبيرة في المواقف العامة بعد مشاهدة ومناقشة الانسحاب وتداعياته في الوقت الفعلي.
وأضاف: إن أغلبية تزيد عن اثنين إلى واحد، وافق الأمريكيون على أن الانسحاب من أفغانستان لم يكن فكرة جيدة وفشلت، بل كانت فكرة سيئة لأن طالبان كان بإمكانها تزويد القاعدة وغيرها من الإرهابيين بقواعد العمليات.
وتابع: يعتقد 61% أن فشلنا في أفغانستان سيشجع المتطرفين في جميع أنحاء العالم، مما يجعلهم أكثر عرضة لمهاجمة الولايات المتحدة. ولفت إلى أن هذه أرقام واقعية، وفي حالة استمرارها، فإنها تمثل رفضا شاملا للحكمة التقليدية السابقة.
وأضاف: بدا أن ترامب نفسه يفهم هذا الاتجاه الجديد للرأي العام، في مسيرة 25 سبتمبر في بيري بولاية جورجيا، وفي إشارة إلى خططه لو أعيد انتخابه، قال ترامب إنه سيحتل قاعدة باغرام الجوية لفترة طويلة قادمة. ولفت إلى أن هذا الحديث لقي استحسانا كبيرا بين المشاركين في مسيرة بيري. واستطرد: الاستنتاج الرئيسي اليوم هو أن عواقب الانسحاب من أفغانستان لم تنته بعد، وأن الأحداث هناك وفي وسط الإرهاب العالمي ستستمر في جذب انتباهنا، لن يتمكن بايدن من الفوز في انتخابات 2022 أو 2024 لأنه أنهى إحدى الحروب التي لا نهاية لها، بدلا من ذلك، سوف يشرح لماذا أصبحت أمريكا مرة أخرى أكثر عرضة للإرهاب، ربما غادرنا أفغانستان، لكنها لم تتركنا، ولا الإرهابيون.