للثقافة معان متعددة، فنظرة خاطفة إلى أي دائرة من دوائر المعارف حول تعريف الثقافة تضعنا أمام تعريفات كثيرة لها، فهي قد تعني تقاليد الشعوب وعاداتها، وقد تعني «التراث» بشكل عام، وقد تعني «الآثار» وقد تعني «الحرف الموروثة» وقد تربط الثقافة بالتعليم فيغدو «التعليم» في حد ذاته تعريفا للثقافة، وبعض الدوائر تقول بأن الثقافة هي «الأخذ من كل علم بطرف» وقد شاع هذا التعريف في عصرنا الحاضر بشكل ملحوظ.
ورغم هذه التعريفات فإنني أرى أن ماهية الثقافة في عالمنا العربي المتشبث بدينه الإسلامي الحنيف لا بد أن ترتبط بقيمة «دينية وتراثية» بمعنى أن يكون للثقافة قيمة تأديبية إصلاحية، فالإنسان المثقف في العالم العربي الإسلامي يجب أن يتحلى برقي في الفكر وسمو في الوجدان، وهذا لا يتأتى إلا من خلال «ثقافة إسلامية» تعمق في نفوس المثقفين قيمهم الفكرية والوجدانية، ولا شك أن «الرقي» بالفكر وحده ربما لا يكفي للوصول إلى الدرجات المطلوبة من الثقافة الإسلامية، و«السمو الوجداني» وحده لا يكفي أيضا للوصول إلى تلك المرحلة لأن التشبث بهما دون «الرقي» الفكري يعني أن المثقف سوف يغدو إنسانا «فارغا» من الخبرة والمعرفة والعلم، أي أن يتحول إلى إنسان «بوهيمي» إن جاز القول، فالثقافة الإسلامية إذن لا بد أن يتوافر لصاحبها أمران هما التمتع «بفكر» ناضج و«وجدان» حي، فالرقي الفكري يتحقق من خلال الخبرة والمعرفة والعلم، والسمو الوجداني يتحقق من خلال اهتمام المثقف ورعايته بالجوانب الروحية والنفسية والضميرية والشعورية.