فمن الشخصيات المؤذية في المجتمع الوظيفي أفراد مصابون باضطرابات نفسية تتسبب على غيرهم بتهديد صحتهم النفسية والعقلية بأنماطهم السايكوباثية والميكافيلية والنرجسية.
في هذا الثالوث المظلم مهنيا ومجتمعيا وأسريا يتميز الأفراد المضطربون عقليا (السايكوباثيون) بأنهم أقل أمانة وأكثر اعتدادا بأنفسهم، وأكثر تهورا في الإقدام على المخاطر مهما كانت العواقب وبالقسوة مقارنة بالأشخاص العاديين.
بينما تتسم الشخصية الميكافيلية (النفعية الانتهازية) بشعارها الغاية تبرر الوسيلة فتنعدم عندهم القيم والقوانين والأعراف والتشريعات في سبيل الوصول للهدف، وغالبا ما يتبعون أساليب الإغواء بمظهرهم وأسلوبهم وكلامهم الساحر للتلاعب بالآخرين مع انعدام الرحمة في التخلص من مخالفيهم واتباع أساليب الغش وسرقة جهود الآخرين والالتفاف على القوانين والأنظمة لتحقيق مآربهم، التي تعود بالنفع الشخصي لهم.
بينما الشخصية النرجسية تعد مهزوزة نفسيا رغم تظاهرها واعتقادها غير الواقعي بالعظمة وشعور متضخم من تقدير الذات، وتحيط حولها شلة من المنتفعين، الذين يعظمون منها، وتصب عداءها على المنافسين، مع إحساس أناني بالأحقية والاستغراق في الذات ممزوج بقلة الاهتمام بالآخرين، وغالبا ما يتميز النرجسيون بشخصيات جاذبة وكاريزما وعطاء ليجذبوا لهم الأتباع.
بدراسة على عينة من الشركات الألمانية تمثل كل أنواع الشركات إحصائيا تبين وجود ارتباط إحصائي بين النرجسية والدخل المرتفع، والميكافيلية والمستوى القيادي والرضا المهني والوظيفي، والسايكوباثية والإيذاء والتنمر الوظيفي.
وجود فرد بهذه الشخصية يعتبر مخربا لبيئة العمل، وكذلك بالحياة الاجتماعية والأسرية فتخيلوا لو كان يحمل الثلاث سمات مجتمعة، ومَنْ يتعامل معهم يعاني من ضغوط كبيرة، وهم كذلك أي الشخصيات السمية بحاجة للمساعدة.
تحسين بيئة العمل يشمل كذلك الصحة النفسية للعاملين لارتباطها بجودة الحياة وتحسين الإنتاجية وتقليل التغيب عن العمل بسبب الضغوط العصبية، التي قد تتحول إلى مشاكل عضوية وأمراض مزمنة وأزمات قلبية قد تؤدي للوفاة بسبب التعامل مع شخصية أو شخصيات مؤذية في العمل والتسرب أو الاحتراق الوظيفي.
ومن الحلول المقترحة لاكتشاف القيادات وكفاءتهم النفسية هو تفعيل التقييم الشامل 360 ولكنه في ظل الأنظمة الحالية والطبيعة المجتمعية قد يتسبب في مشاكل أخرى منها تفاقم مشكلة الشللية في العمل وتحجيم أو إقصاء مَنْ لا يتفق مع الشلة، ولهذا لربما تكون الاقتراحات الأكثر فعالية هي تدوير الموظفين وفق منهجية التعاقب الوظيفي، مع تطبيق برامج اكتشاف وإعداد القيادات من الصف الثاني، والتقييم النفسي الدوري للقيادات.
إضافة لذلك الاهتمام بالصحة النفسية للعاملين بتأمين برامج للترويح عنهم، والتخفيف من ضغوطهم الإلزامية العائلية والمجتمعية والمالية، وكذلك الاستشارات النفسية بسرية مع تقديم العلاج ومتابعتهم حتى يصلوا إلى بر الأمان.
DrLalibrahim@