ودعنا سيدة الضباب وتوجهنا لبلد العجائب، مدينة الخيال والإثارة والمرح اللا متناهي. المدينة التي تتنافس فنادقها ومراكزها التجارية ومقاهيها ومطاعمها ومتنزهاتها لترضي زوارها وتقدم لهم أجمل التجارب. المدينة المتطورة معماريّاً بمبانيها المميزة وناطحات السحاب، التي تقف شامخة كأنها مجموعة من الفاتنات ممشوقات القد، وهن يتباهين بأزيائهن في عرض أزياء ضخم، وقد اخترق طولهن قلب السماء. لم نرد أن يفوتنا عملاق المواسم الترفيهية وأضخم موسم ترفيهي في الشرق الأوسط، لذلك انطلقنا لمدينة الرياض.
وصلنا في وقت افتتاح الموسم، وكانت بدايته انطلاق الكرنفال في شوارع الرياض. أسطول من العربات المصممة بتصاميم تراثية عربية مختلفة، بعضها مزين بالورود والأشجار، وبعضها اعتلاه بيوت من الطين مع دروازات بمنتهى الجمال، وأخرى احتوت تصاميم من قماش السدو البدوي. دلة وفنجانين عملاقة ومبخر تفوح منه أطيب روائح البخور. تمثال ضخم للصقر العربي وسفينة الصحراء كانا يتوسطان الكرنفال مع مجموعة من الشخصيات الكرتونية العربية. الآلاف من الموهوبين من جميع أنحاء المملكة، وفي كل المجالات الفنية كانوا حاضرين مع عمالقة الفن والغناء السعودي والعربي والأجنبي ليقدموا لوحات مختلفة من الفلكلور العربي وبعض الفنون الأجنبية. رحب الكرنفال بالحاضرين مبتدئاً بأغنية «هلا بالطيب الغالي»، ثم «أحبك حب خلاني أبيع الدنيا من أجلك»، و«مقادير»، «إيش رماني فيك يا بحر الإثارة؟»، «يا سلامي عليكم يا السعودية»، ثم «فوق هام السحب وإن كنت ثرى»، و«روحي وما ملكت يداي فداه»، «وطني الحبيب وهل أحب سواه؟» و«يا دار لا هنتي ولا هان راعيك»، و«لا هان شعب كرموا راية الدين». تتالت الأغاني والأهازيج ذات المعاني الراقية والألحان الجميلة. كلمات وألحان حفرت في عقولنا وقلوبنا ورددتها أرواحنا قبل ألسنتنا أجيالاً بعد أجيال.
في الكرنفال، شاهدنا مختلف رقصات الفلكلور السعودي كالعرضات النجدية، القزوعي، السامري، الخطوة الجنوبية، العرضة الطائفية، عرضة الرزفة، لعب رجال الحجر، عرضة الحصاد، رقصة دق الحب، رقصة العزاوي، عرضة شهران، الليوه، ورايح بيشة على أنغام الأهازيج وقرع الطبول جنباً إلى جنب مع بعض الشباب السعودي المبدع في أنواع الرقص الغربي. كان هنالك مسيرة استعراضية لمجموعة من الفرسان يمتطون الأحصنة العربية الأصيلة. أزياء تنكرية، دبابات الهارلي، عروض للسيارات القديمة، ألعاب بهلوانية ونارية وأكثر.
بعد انتهاء الكرنفال انطلقنا لنرى فعاليات الموسم المتنوعة. ذهبنا لمنطقة بوليفارد رياض ستي، المجمع التجاري المفتوح في الهواء الطلق، الذي يحوي الكثير من المتاجر والمطاعم والمقاهي العالمية بإطلالاتها على الحدائق والمسطحات المائية ذات التصاميم والإضاءة الساحرة. توقفت طويلاً أمام النافورة الراقصة وشعرت بأن روحي ترقص معها وأنا أرى المياه وهي تتمايل، ترتفع وتنزل وتتراقص بانسجام مذهل وبغنج باذخ مع ألحان الموسيقى المختلفة.
..... وللرحلة بقية
@Wasema