ما احتواه جناح المملكة في معرض «إكسبو» في دبي من عروض شيقة اشتملت على ما يمتلكه بلدنا من كنوز سياحية متنوعة بمثابة دعوة للعالم لزيارة المملكة واكتشافها على الحقيقة، فالمملكة التي سيشاهدونها ليست نفسها المملكة، التي سمعوا عنها من خلال وسائل الإعلام أو تحدث عنها ممن يكن لنا العداء حكومة وشعبا، فبلدنا عانى كثيرا في الماضي القريب والبعيد على حد سواء من تشويه صورته عبر وسائل الإعلام بشتى الصور على مدى عقود لأسباب عدة ليس المقال بصدد ذكرها.
بعد هذه المقدمة، يتبادر في الأذهان السؤال، الذي يبحث عن إجابة بكل تجرد موجه إلى كل مَنْ يهمه الشأن السياحي، هل نحن جاهزون لاستقبال كل مَنْ يريد السفر إلى المملكة للسياحة، ويتجول في بلدنا من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب؟ والمقصود بكلمة الجاهزية هنا شامل الطرق وأخلاقيات القيادة عليها، والبنية التحتية والمساكن سواء كانت فنادق أو شققا فندقية والمطاعم والملاهي بما في ذلك ثقافة المجتمع في كيفية التعامل مع السائح الأجنبي، وهذا ليس انتقاصا في وعي المجتمع، فمجتمعنا بحمد الله واعٍ وراقٍ ولكن موضوع السياحة غريب عليه، ولا بد من عمل برامج توعوية تهتم بأدق التفاصيل لسد فجوة الغرابة عن طريق الإرشاد السياحي، وهنا يجب اختيار مَنْ يقوم بهذه المهمة بعناية سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات، فالسياحة أصبحت صناعة، والصناعة تحتاج مَنْ يجيدها ليكسب لتكون رافدا اقتصاديا كما نصت عليه رؤية المملكة 2030 لتعزيز القطاع الخاص في السوق المحلي لإنشاء اقتصاد مزدهر نحرص من خلاله على كسب السمعة اللائقة، فتأسيس مركز وطني لإثراء تجربة الزائر، وتحديد مكامن الخلل لترك بصمة سعودية خطوة إيجابية في المسار السياحي الصحيح، وعليه لا نستطيع أن نغفل أهمية المطارات عندما نتحدث عن السياحة، فكل مطار عبارة عن بوابة لكل زائر، فهل مطاراتنا جاهزة إذا استثنينا بعض المطارات؟.
فمطار الملك فهد على سبيل المثال يبعد عنه أقرب فندق ما يقارب الخمسين كيلو مترا، ولكم أن تتخيلوا حالة طواقم الطائرات من طيارين ومضيفين في حالة (الترانزيت) والانتظار لعدد من الساعات كيف يكون حالهم في نقلهم من المطار لأقرب فندق للراحة، ففندق المطار الذي أسعدنا خبر إنشائه مازال تحت الإنشاء، بل متوقف حسب ما نشاهده، ومن المفروض أن يكون جاهزا، كما خطط له ليخدم المطار، فمَنْ يشاهد ازدحام الطائرات وتنوع شركات الطيران على مدرجات مطارات العالم في أي بلد يشعر بحيوية الحركة الملاحية في تلك البلاد، ومَنْ يشاهد مطار الملك فهد والهدوء، الذي يعم مدرجاته، يشعر بحسرة وتزداد حسرته عندما يجد شركات الخطوط الأجنبية تخطب ود المسافرين السعوديين من خلال توفير خدمة توصيل المسافر من منزله إلى المطار في البحرين، يقول أحد الزملاء بعد رجوعنا من منطقة الباحة، السكينة التي تعم مطار الملك فهد والهدوء يذكره بهدوء منطقة الباحة بعد مغادرة المصطافين!
بصراحة منظر الفندق ونوافذه المتساقطة جعل كل مَنْ يسافر عن طريق مطار الملك فهد يعد النوافذ المتساقطة، ويقارن العدد المتساقط بآخر رحلة، وعندما يجد العدد المتساقط من النوافذ قد زاد، تزداد معه الحسرة... ختاما لا يهم أن يعرف القارئ أسباب التأخير أو توقف مشروع بناء الفندق، ولا الجهة المتسببة فيه، فالهدف من المقال التقييم للتحفيز وليس لأي هدف آخر (evaluate to motivate)، فما يهمنا هو أن نشاهد الفندق جاهزا والمطار يعج بالمسافرين والمدرجات تموج بالطائرات من مختلف الدول والمناطق جاهزة لاستقبال السائحين.
Saleh_hunaitem@