@Nadia_Al_Otaibi
جلت ذات صباح باكر اكتسى بالغيوم وتوشح بالرقة التي بدت على قسمات وجهي ابتهاجا به، أعددت لنفسي كوبا من القهوة ورحت أتأمل صنعة الله خارج حدود النافذة، دخلت في حالة من الهدوء والسكينة وكثير من الأفكار التي قاطعها اصطدام عصفورة صغيرة بزجاج النافذة بشكل قوي! بقيت أراقبها لما سقطت وهي تحاول الطيران مجددا، أخذت ترتفع قليلا ثم تسقط، عدة مرات وهي تحاول، هدأت بعدها ولم تتحرك، ربما ماتت! هكذا تبادر إلى ذهني، وإذا بها تصفق بجناحيها بشكل غريب وسريع ثم تدفع نفسها حتى طارت، من أين لك هذه القوة وقد أنهكتك المحاولات والاصطدام؟ إذا عرف السبب بطل العجب، قد ترصد لها قط طمع بأن تكون وجبته على الأغلب.
يصنع الخوف ما لا يصنعه الأمان، يخلق بداخلك قوة من نوع فاتك وجرأة قد تستغربها في ذاتك، هدفك الأول فيها هو أنت وما تخاف عليه، كذلك لا يمكن أن تتعلم الإقدام وأنت في فرح، ولذلك جانبان: إما أن تحلق وتنجح وتنقذ نفسك وإما أن يشل الخوف تفكيرك فلا تبرح مكانك وتخسر فرصا أتيحت لك لتنالها. علما بأن ما كتب لك لن يذهب لغيرك ولكن الله جل وعلا يحب المؤمن القوي ولا يحب المؤمن الضعيف. لا أكثر خيالا من الأسطورة الروحية طائر العنقاء الفاتن: أحد المستحيلات الثلاثة: الغول والعنقاء والخل الوفي! حيث يموت هذا الطائر ويحترق ثم ينبعث إلى الحياة من الرماد مرة أخرى أقوى وأجمل مما كان سابقا، لا يزعزعنا سوى افتقادنا للإقدام والدافع، بلاهما نحن مخلوقات جوفاء، يجب أن يكون لديك دافع سليم لكل شيء فإذا امتلكته وجب عليك الإقدام، وخطوتك الأولى هي الأصعب بلا شك، فإذا اجتزتها فقد سحبت بساط الخوف من تحت بقية خطواتك، فخطر المحاولة يفر من وجه الشجعان، والشجاعة بلا حذر هي ضرب من الحماقة، بمعنى أن الشجاعة ليست غياب الخوف، ولكنها القدرة على التغلب عليه. إن لم تكن نورا لنفسك يا صديقي لن تسعفك كل أضواء الدنيا لتنير ظلمتك. لا يعني أيضا أن الفرح مدعاة للتراخي، لكنه يبعث لك ما يرقق روحك ويجعلها نقية لو وقعت على البياض ما أخلفت لونه، ونحن أحوج ما نكون إليه في أوقاتنا الصعبة ومع مَنْ نحب، فكما نهتم بذواتنا علينا أن نهتم بعلاقاتنا مع مَنْ نشاركهم الألفة والمودة، فكما نعلم ليس من طريقة سحرية تترسخ بها هذه العلاقات وتقوى، علينا مراعاتها كما لو أنها قلب نابض محمول بين الكفوف ولو أنه سقط لتوقف عن النبض، بمنتهى اللطف والرقة وبالكثير من التفهم، العطاء والرعاية، حتى يصبح نعمة علينا نحيا بها ونستند عليها متى ما شئنا رغما عن المسافات والاختلافات الشخصية والسلوكية، ثم كن ممتنا عندما يستتب لك ما أردت، الامتنان والتقدير من أنبل الصفات الإنسانية وأعمقها ولا يتحلى بهما شخص إلا وتجده حسن الخلق والمعشر، لأنه يدرك قيمة الأشياء المادية والمعنوية حوله، التي قد يراها البعض اعتيادية أو لا يراها، بينما هي نعم موهوبة اختصك الله بها دونا عن غيرك، الامتنان يجعلك راضيا قنوعا وهادئا. تعلم أن تستجمع نفسك وتضعها في موضع الحق حتى لا تتجزأ بغير جدوى في موضع الخطأ والجهالة وانفض عن أجنحتك رماد العنقاء.
@Nadia_Al_Otaibi
@Nadia_Al_Otaibi