لأول وهلة عند قراءة هذا العنوان تتجه أفكار القارئ إلى الجراثيم المعروفة التي تتعلق بالأمراض وأسبابها ولكن الدكتور (باسي سالبرغ)، وهو الذي يكنى بالأب الروحي للتعليم في فنلندا، وهي التي يعرف نظام التعليم فيها بأنه أفضل نظام للتعليم في العالم فهي منذ عام 2015م تتصدر دول العالم في مجال التعليم. وبالعودة إلى (باسي سالبرغ) نذكر قوله المأثور: «إن أول خطوة اتخذتها فنلندا للنهوض بالتعليم هي التخلص من الجراثيم»، ربما قائل يقول: وهل للتعليم جراثيم؟ هكذا يرى سالبرغ أو ترى فنلندا ومن خلال ما حققته هذه البلاد في مجال التعليم يبدو أنهم حددوا الوصف الصحيح لما يجب أن يتخلص منه التعليم، مما يؤدي إلى مرضه وضعفه كما هو الحاصل في كثير من بلدان العالم، وقد حددت فنلندا ذلك في جراثيم ستة علينا أن ننظر مليا حتى نحكم هل هي تهدد التعليم في بلادنا ونكافحها، فالجرثومة الأولى هي كثافة المواد أي نسأل أنفسنا هل يتم التعامل مع الطالب في المحتوى التعليمي بالكم أو بالكيف؟، أما الجرثومة الثانية فهي شبح الامتحانات الذي يخيف ليس الطلاب فحسب، بل يرعب البيوت أيضا أيام الاختبارات، أما الثالثة فهي طول اليوم الدراسي مما يؤدي إلى إنهاك الطالب جسديا وذهنيا، ويتسبب في ضعف تركيزه على ما يتلقى من التعلم، أما الواجبات المنزلية فهي الجرثومة الرابعة في نظر القائمين على التعليم في فنلندا الذين يرون أن من حق الطالب أن يستمتع بوقته خارج المدرسة، والدروس الخصوصية بسلبياتها المعروفة هي الخامسة، أما الجرثومة السادسة فهي بعض المواد الدراسية التي لا يستفيد الطالب من دراستها، ولا تقع في مجال اهتماماته ولا ميوله واتجاهاته، وهي المواد التي يسميها سالبرغ المعرفة المعزولة، ويعني بها المعلومات التفصيلية التي لا يتداولها إلا أصحاب التخصص الدقيق في مجاله. ولأن الفنلنديين لم يكتفوا بتحديد جراثيم التعليم إنما تخلصوا منها، بل وأضافوا إلى ذلك وسائل وقائية من جراثيم أخرى قد تصيب التعليم، فليس مستغربا أن تتصدر هذه البلاد دول العالم في قائمة أفضل النظم التعليمية، وأن يحصل طلابها على المراكز الأولى في كافة المسابقات والتصنيفات العالمية، ولا عجب أن تتسابق الدول إلى الاستفادة من تجربة التعليم في فنلندا، إضافة إلى أسباب سبعة أخرى عززت موقع فنلندا الريادي بين دول العالم كما يقول سالبرغ أهمها: أن فنلندا بنت هويتها الوطنية على الاستثمار في التعليم للجميع، وعندما تحقق استغلالها كان هدفها الأول هو تطوير التعليم ثم تطوير التعليم بشكل أكبر، ومنها كذلك اختيار المعلمين بعناية بحيث يقبل 11 % فقط ممن يتقدمون لهذه المهنة، أما ساعات العمل فهي أقل من ساعات الراحة وذلك يتحقق بالتعمق في المحتوى وليس زيادة كم المحتوى فالمعلمون يعملون (20) ساعة أسبوعيا، وكذلك توطيد العلاقات بين المعلم والطالب، والمساواة بين الطلاب مما يعني أن الطلاب في جميع البيئات الحضرية والريفية يحصلون على نفس الجودة من التعليم.. لا شك أننا مربين وآباء وطلابا نريد أن نكون في مثل هذا المستوى، فهل نكافح جراثيم التعليم بحكمة تمضي بنا إلى ما وصلوا إليه؟؟.
@Fahad_otaish