أما الطفل من عمر 7-11 سنة، فيستطيع الطفل بهذا العمر أن يفهم أن التعايش مع الآخرين هو أخذ وعطاء، فلكي يأخذ شيئا يريده يجب أن يعطي شيئا بمقابله وهذه هي سنة الحياة، فمثلا نعلمه التفاوض مع البائع على السعر حتى يصل لسعر مقبول يرضي الطرفين، وكذلك نعلمه أن يكون عنده روح رياضية في التعامل مع الآخرين ليكسبهم من خلال مهارة المرونة، وأكثر ما يؤثر في الأبناء أنهم يرون الوالدين نموذجا في المرونة فيتعلمون من سلوكهما وأفعالهما أكثر من نصيحتهما الكلامية.
أما الطفل من عمر 11-15 سنة، فهذه المرحلة تحتاج لتعامل خاص، وربما يدخل الوالدان في صراع مع أبنائهم المراهقين إذا لم يستخدما أسلوب الحوار والتفاوض والمرونة أثناء الحوار معهم، وفي بعض الحالات يتخذ الأبناء قرارا بعدم الحديث مع الوالدين بسبب عدم تفهمهما ومرونتهما أثناء الحوار، ولهذا يفضل أن يعطي الوالدين للأبناء بهذا العمر مساحة للمشاركة في قوانين الأسرة حتى يتحمسوا لتطبيقها مع وجود قوانين صارمة من قبل الوالدين في شأن الصلاة أو التدخين أو مصادقة المنحرفين سلوكيا وهكذا.
إن من فوائد التربية على المرونة تضييق مساحة الخلاف بين الوالدين والأبناء، والتعرف على ما يريده الأبناء وما يرغبون فيه، ورفع مستوى العلاقة بين الوالدين والأبناء، وكذلك رفع مستوى المصارحة والثقة بينهم، وبالمناسبة فإن الأطفال يفرحون بالتفاوض والمرونة لأنهم يشعرون بأنهم محترمون، وأن رأيهم مسموع، أما لو كان الآباء متسلطين أو يعتمدون على أسلوب التربية بالأوامر والصراخ، فإنهم قطعا سيخسرون أبناءهم.
فالطفل الذي يتربى على المرونة، فإنه يتربى على الخيارات في حل المشاكل وتحقيق الرغبات، فإذا شارك الطفل في القرار فإنه سيكون سعيدا ويشعر بالاحترام، فلو رفض الالتزام بوقت النوم مثلا فنعطيه ثلاثة خيارات يختار أحدها فيشعر بالنصر وبنفس الوقت نفذ ما نريده نحن من غير أن ندخل معه في أسلوب الإجبار، وغالبا الطفل يقتنع إذا تم التفاوض معه أو التعامل معه بمرونة.
والمرونة في تربية الطفل لا تعني أن طفلك يغلبك ويحقق كل ما يريده، فإن هذه ليست مرونة، وإنما المرونة تكون بتحقيق طفلك ما تريده أنت، ولكن بالطريقة والأسلوب الذي يختاره هو، ولا بأس أحيانا أن تشعره بأنه أقنعك برأيه وتستجيب له لأن هذه من المرونة، وإذا رفض ابنك أو عاند لا تغضب، وابتعد قليلا ثم ارجع وأكمل الحوار معه ولا مانع من فرض رأيك في بعض الأحيان.
@drjasem