وتاريخيا من أوائل الذين اهتموا بالإحصاء والبيانات هو الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حيث أنشأ ما يسمى (الدواوين) من أجل تنظيم الجيوش (ديوان الجيش)، وضبط وتوزيع الأموال، التي ترد إلى (ديوان بيت المال). وللمعلومية فإن كلمة (ديوان) فارسية معربة تعني السجل أو الدفتر.
وأما الواقع اليوم، فإن التقنية الحديثة تساهم في سهولة وسرعة جمع المعلومات والبيانات. ونجد أيضا أن مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل متنامٍ في الحصول على الكثير من المعلومات الشخصية وأدق التفاصيل اليومية، التي صار يقدمها البعض طوعا أو تباهيا!.
وحين تملك أرقاما وإحصائيات ميدانية ودقيقة وموضوعية تستطيع أن تخطط وترسم السياسات، وأن تتخذ القرارات الأقرب للصواب بناء عليها. وكما قيل في علم الإدارة: إذا لم تستطع أن تقيسه، فلن تستطيع أن تديره. ويمكن القول أيضا: إذا لم تستطع أن تقيسه، فلن تستطيع أن تطوره.
وسبب حديثي عن هذا الموضوع أن يوم (20) من شهر أكتوبر الحالي يوافق «اليوم العالمي للإحصاء». والشعار هو: «ربط العالم ببيانات يمكننا الوثوق بها».
ولعلنا لمسنا أهمية البيانات والإحصائيات من خلال جائحة كورونا المستجد، حيث تم إيجاد لوحة عالمية لحظية وتفاعلية للمعلومات، ورسم خريطة الانتشار على مستوى المناطق والدول، والأهم تحديد الأماكن الأكثر إصابة، وكل ذلك ساعد في اتخاذ قرارات دقيقة للحد من تفشي الوباء. وقد أشار سابقا الأمين العام للأمم المتحدة بمناسبة هذا اليوم، فقال: «إن جائحة مرض فيروس كورونا أسهمت في تسليط الضوء على أهمية البيانات في إنقاذ الأرواح والتعافي بشكل أفضل».
ولعلك تتساءل مثلي ما علاقتي بالموضوع؟! والجواب لتعرف أهمية المشاركة الفعالة والصحيحة حين يكون هناك إحصاء واستفتاء عام لأنه سينفع في كثير من القرارات المهمة، التي تصب في نهاية المطاف في مصلحة الوطن والمواطن.
وكذلك حين ترد إلينا بعض الدراسات سواء الميدانية أو بعض الذين يقومون بدراسات جامعية موثقة ومعتمدة أن نشارك بها قدر المستطاع، وفي الغالب هي لا تأخذ الكثير من الوقت، ولكنها مفيدة لزيادة حجم الاستفتاءات والإحصائيات. ومع تراكم الدراسات والأرقام تصبح لدينا قاعدة بيانات كبيرة متنوعة، وهذا يساعدنا في التطور بعدة مجالات، وسيصبح اتخاذ القرارات في القطاعات المختلفة مبنيا على أرقام وإحصائيات بدلا من التخمين أو الارتجال في القرار.
وهناك أيضا فائدة شخصية لنا من البيانات والإحصائيات، وذلك عند شراء المنتجات لمعرفة الأكثر مبيعا أو الأعلى جودة وآراء المستهلكين.
لغة الأرقام ستظل دوما مؤشرا قويا وفعالا في مجمل القرارات سواء على المستوى الشخصي أو المهني أو المؤسسي.
abdullaghannam@