ولا خير في وجه إذا قلَّ ماؤه
حياءَك فاحفظه عليك وإنما
يدل على فعل الكريـم حياؤه
الحياء يا سادة شعبة من شعب الإيمان ويكفي فيه أن الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- كان أشد الناس حياءً..
هناك مصطلحات عادة تلتبس على الناس ويخلطون بينها.. هناك فرق كبير بين النهور والشجاعة، وإن تشابهت في الظاهر، وهناك خط رفيع بين الكرم والإسراف.. وهناك فرق بين الاقتصاد (التدبير) وبين البخل.. وكذلك الحال في الحياء والخجل.. فالحياء خلق يبعث على ترك القبيح وفعل الحسن.. وهو خلق محمود بخلاف الخجل، الذي يمنع من التعلم وقول الحق إضافة إلى كونه خلقاً مذموماً.
في حياتنا الرقمية والافتراضية غيّب بعضهم (الحياء) وجعله أمراً هامشياً مع أنه لا يأتي إلا بالخير كما في الحديث.. ولا عجب أن ترى مشاهد مؤسفة، وصوراً مخجلة، لأولئك الذين تجردوا من أخلاقهم، وخلعوا ثياب حيائهم من أجل إعلان باهت أو مقطع سامج لكسب الشهرة ولفت الانتباه.
كم هي رائعة التقنية اليوم وهي تزيح اللثام عمن غُسِلت وجوههم (بمرقة).. جميلة التقنية في إظهار هؤلاء وتقديمهم للملأ حينما تعرض فلتاتهم على الناس.
لا تقلق -قارئي العزيز- فوراء كل سلبية طافية جوانب إيجابية مختفية ومتوارية، فمشاهد التفاهات التي ترى الناس يتسابقون إليها ويتفنون في إخراجها لها جوانب إيجابية، إذ تريك نعمة العقل التي حُرِمَ منها آخرون، وتنمي فيك حاسة النقد والإنكار ولو بقلبك، وتعلمك طرق التافهين الجديدة لتتجنبها.
أخيراً..
قيل قديماً.. ما كان يعرف الأحمق إلا أهله.. اليوم التقنية تقدم هذا الأحمق مادة دسمة تلوكها (أصابع) التقنيين.. الحياء مطلوب اليوم في ظل فهم الناس الخاطئ للانفتاح وفي وجود الكم الهائل من أدوات التقنية، فالحياء أجمل لباس يتزين به المرء، ولا يخلعه إلا المتردية والنطيحة من البشر.
* قفلة..
قال أبو البندري غفر الله له:
عندما يتشابه الناس في الأخلاق.. يظل الحياء علامة فارقة.