على مدى عام، استهدفت حملة اعتقالات تعسفية واسعة النطاق تيغرانيين من جميع الأطياف في العاصمة أديس أبابا وأماكن أخرى في إثيوبيا، في وجه آخر خفي للحرب المدمرة في شمال البلاد.
ويؤكد المسؤولون شرعية التدابير الهادفة للقضاء على الجبهة، التي يعتبرونها منظمة إرهابية.
غير أن مقابلات أجرتها وكالة فرانس برس مع عشرات الموقوفين والمحامين ومسؤولين في القضاء وحقوقيين، تكشف عن عملية أكثر عشوائية تطال مسؤولين عسكريين بارزين وصولا إلى عمال مياومين.
وقال ضحايا للوكالة الفرنسية إن تجربتهم كشفت عن طابع عرقي للتوقيفات، فيما بنيت القضايا على أدلة واهية، حسب قولهم.
وأوقفت الشرطة رجال الدين، الذين اعتقلوا من الكاتدرائية لأكثر من أسبوعين واتهمتهم بجمع أموال للجبهة وإحراق أعلام إثيوبية، بل التخطيط لهجمات إرهابية بأنفسهم.
ويقول راهب إنه لم يتمالك نفسه عن الضحك عندما سأله محقق عن مكان إخفاء المسدسات.
وقال مشترطا عدم نشر اسمه لدواعٍ أمنية «قلنا لهم نحن رجال إيمان ولسنا سياسيين». وأضاف «لا أعلم من أين جاؤوا بالمعلومات، لكنهم يستخدمونها لقمعنا نحن التيغرانيين ودفعنا لكي نعيش في الخوف».
وبدأت الاعتقالات عقب اندلاع الحرب في إقليم تيغراي في أقصى شمال البلاد مطلع نوفمبر 2019، بعد أشهر من التوتر بين رئيس الوزراء أبيي أحمد وجبهة تحرير شعب تيغراي، التي كانت تمسك بالسياسات الوطنية قبل تولي أبيي أحمد مهامه في 2018.
في البدء، استهدف المسؤولون عسكريين بشكل رئيسي.
وبعد أسبوعين على أول عملية إطلاق نار، استُدعي عشرات الضباط التيغرانيين إلى اجتماع متلفز في أديس أبابا. وبثت وسائل الإعلام الرسمية المشاهد كدليل على دعم المشاركين فيه للحكومة. لكن في وقت لاحق، اعتقل ثلاثة من أولئك الضباط وتمّ تفتيش منازلهم بحثا عن أسلحة قبل سجنهم بتهمة التواطؤ للإطاحة بأبيي، وفق ما قال أفراد من عائلاتهم لفرانس برس.
وقال مايكل، الذي كان والده من بين الموقوفين إن الاعتقالات أثارت دهشته. وأضاف إن والده وهو ضابط خدم لثلاثة عقود «لم يكن يحبّ التحدّث بالسياسة»، مضيفا «بل كان يوبخنا عندما نتحدث في السياسة».
وبعد تقرير نشرته وسائل إعلام رسمية في أغسطس الماضي، وذكر أن محكمة عسكرية قضت بإعدام عدد من الضباط «الخونة»، ازدادت مخاوف مايكل.
وقال «أخشى كثيرا أن يحكموا بالإعدام أو المؤبد على والدي والمحيطين به».
وبعد مضي عام تقريبا، لا يزال والد مايكل معتقلا في معسكر للجيش غرب أديس أبابا. والسماح له بثلاث زيارات أسبوعيا يجعله محظوظا مقارنة بآلاف الموقوفين الآخرين، الذين لا يؤذن لهم بذلك.
وكانت القوات الإثيوبية قد سيطرت سريعا على الجزء الأكبر من إقليم تيغراي. ومع استمرار الحرب في 2021، تكثفت حملة التوقيفات وإن ببطء.
لكن جبهة تحرير شعب تيغراي تمكّنت في أواخر يونيو الماضي من استعادة السيطرة على غالبية المنطقة، ومنها العاصمة ميكيلي ما دفع بالجيش إلى سحب جزء كبير من قواته.