ومضى يقول: في 8 أكتوبر، استهدف انتحاري مسجدا شيعيا في ولاية قندوز بأفغانستان. وأسفر التفجير عن مقتل أكثر من 70 شخصا وإصابة أكثر من 140 مصليا ينتمون إلى أقلية الهزارة. وبعد فترة وجيزة أعلن الفرع المحلي لتنظيم داعش في أفغانستان، المعروف باسم داعش في خراسان، مسؤوليته عن الهجوم الشنيع من خلال بيان دعائي على الإنترنت.
وتابع: حدد انتحاري تنظيم داعش الإرهابي بأنه «محمد الأويغوري»، قائلا إن الهجوم استهدف حكومة طالبان لاستعدادها المزعوم لترحيل الأويغور من أفغانستان استجابة لطلبات من الصين.
وبحسب الكاتب، فإن اعتداء داعش خراسان على الأقليات الدينية والعرقية والسكان المدنيين ليس أمرا غير مألوف.
وأضاف: نظرا لأن حركة طالبان تعمل على تحويل نفسها من حركة متمردة راديكالية إلى هيكل دولة شرعي، فإن الهجمات على مجتمعات الأقليات هذه تهدف إلى إثارة الفتنة الطائفية، بينما تلقي بظلال من الشك على قدرة الحكام الجدد غير المعترف بهم على توفير الأمن المناسب لشعب البلاد.
وأردف: مع ذلك، فإن محاولة التنظيم الواضحة لتبرير استهداف أقلية الهزارة في أفغانستان من خلال الخطاب حول الصين والأويغور، هي محاولة غير عادية ومحيرة.
وتابع: يشير تحليل الهجوم إلى أن داعش خراسان يفكر على الأرجح في تحويل إستراتيجيته نحو الصين بعيدا عما تم تقييمه سابقا، والانتقال من الموقف غير الاستفزازي نسبيا إلى الموقف العملي.
واستطرد: علاوة على ذلك، يبدو أن داعش خراسان ينظر إلى الحوافز المعلنة لطالبان لترحيل مقاتلي الأويغور كفرصة لوضع نفسه كحام جديد للأويغور، بهدف الترحيب بمقاتلي الأويغور الساخطين في صفوفها.
داعش خراسان
ومضى يقول: ظهر داعش خراسان في عام 2015، عندما أعلن التنظيم في العراق وسوريا عن توسعه في منطقة «خراسان» التاريخية، والتي تضم أجزاء من أفغانستان وباكستان وإيران وآسيا الوسطى الحديثة.
وأردف: كان من بين الأعضاء الأوائل في المجموعة في الغالب أعضاء متشددون سابقون من طالبان الأفغانية والباكستانية والقاعدة وجماعات مسلحة أخرى.
وتابع: منذ نشأتها، اعتبر «داعش خراسان» طالبان أنها منافستها الإستراتيجية وخصمها الإيديولوجي، واستهدفت مواقع طالبان وحاولت تشجيع الانشقاقات عن الحركة. ومنذ عام 2015 إلى عام 2020، وسط ضغط عسكري مستمر من قبل الولايات المتحدة، تمكنت القوات الحكومية الأفغانية وطالبان من احتواء تهديد داعش.
وأردف: منذ عام 2020، تحت قيادة الزعيم الجديد شهاب المهاجر، كثف «داعش خراسان» العنف المحلي كجزء من حملته ضد الحكومة الأفغانية وطالبان.
وأضاف: وفقا لتقارير الأمم المتحدة، كان لدى التنظيم ما يقدر بـ 500 إلى 1500 مقاتل تحت سيطرته قبل سقوط الحكومة الأفغانية في منتصف أغسطس، وكان مسؤولا عن 77 هجوما عبر أفغانستان في الربع الأول من عام 2021 وحده.
تكثيف الهجمات
وتابع: منذ استيلاء طالبان على السلطة، كثف التنظيم هجماته على الأماكن المدنية، بما في ذلك المؤسسات الدينية. وشهدت بعض هذه الهجمات وما قبلها تورط أعضاء الجماعة الأفغان والهنود والطاجيك والباكستانيين، من بين آخرين.
ولفت إلى أن هجوم قندوز هو المرة الأولى التي يؤكد فيها «داعش خراسان» علنا تعبئة عرقية الأويغور، مع عدم تقديم أي تفاصيل عن البلد الأصلي للانتحاري، لتنفيذ هجوم في أفغانستان نيابة عنها.
وأوضح أن مقاتلي الأويغور كانوا في السابق غير مرئيين في كل من الدعاية عبر الإنترنت وأنشطة التنظيم.
ومضى الكاتب يقول: الأويغور هم جالية عرقية مسلمة سنية تتحدث اللغة التركية، موطنها الأصلي منطقة شينجيانغ الأويغورية التي تتمتع بحكم ذاتي في الصين. رغم أن الاسم الحركي للمفجر يشير إلى أنه من الأويغور، فإن هذا لا يعني بالضرورة أنه من شينجيانغ.
وأردف: عادة ما يتبنى مقاتلو الأويغور الذين يزعمون أنهم من الصين الاسم الحركي لـ «التركستاني» للتأكيد على قضيتهم الانفصالية وهي إنشاء دولة إسلامية مستقلة في شينجيانغ، والتي غالبا ما يشيرون إليها باسم «تركستان الشرقية».
ولفت إلى استضافة العديد من الدول الأجنبية، بما في ذلك تركيا وأفغانستان، أعدادا متفاوتة من الأويغور، والتي قد يكون المهاجم قد جاء منها.
توريط الأويغور
وبحسب الكاتب، فإنه بغض النظر عن بلد المهاجم، فإنه من خلال تسليط الضوء على تورط الأويغور في الهجوم، فإن «داعش خراسان» يرسل رسائل مهمة إلى الصين، وحركة طالبان، والمنتسبين للأويغور.
ولفت إلى أن إظهار التنظيم وجود أعضاء من الأويغور بين صفوفه ولديهم دوافع ويقومون بالتدريب للتضحية بأرواحهم من أجل قضيتهم، أدى إلى تفاقم مخاوف بكين الحالية بشأن تهديد الأويغور المتشددين الناشئين من أفغانستان.
ومضى يقول: هناك عاملان رئيسيان قد يفسران الندرة النسبية للخطاب الذي يركز على الصين والأويغور في دعاية داعش في الماضي، أولهما أن الصين لم تشارك في أي حملات عسكرية ضد التنظيم في أفغانستان أو العراق أو سوريا، أما الثاني فهو أن تنظيم داعش لم يكن قد نجح في تجنيد الأويغور مقارنةً بالجماعات المرتبطة بخصمهم تنظيم القاعدة.
وتابع: نظرا لاهتمام بكين الواضح بالتعامل مع طالبان، فإن تنظيم داعش، و«داعش خراسان»، يفكران الآن على ما يبدو في إدراج الصين على قائمتهما على أنها «عدو مباشر». إن تأطير هجوم قندوز على أنه انتقام لاستعداد طالبان لكبح جماح مقاتلي الأويغور بناء على طلب الصين هو مؤشر على ذلك.
وتابع: في حين لم يتم التحقق من ادعاء طالبان بطرد مقاتلي الأويغور من أفغانستان ولا مزاعم إعادة توطينهم داخل البلاد، فإن محاولة «داعش خراسان» لتبرير هجوم قندوز على أنه انتقام لهذه الخطوة غير المؤكدة تخلق انطباعا بأن طالبان قد تخلت عن حليفها الجهادي منذ فترة طويلة. أي رد فعل عنيف محتمل من مقاتلي الحزب الإسلامي التركستاني ضد مبادرة طالبان المحتملة للطرد أو إعادة التوطين سيكون فرصة مثالية لـ «داعش» لتجنيد مقاتلين ساخطين.