تعلموا من الأطفال الإصرار، وسرعة اتخاذ القرار، وسلامة الصدر، وتجاهل الغدر، وفضول المعرفة، والمتعة بلا تكلفة.. هانئون على سجيتهم، ويتصرفون على طبيعتهم، الحاضر بهم مسرور، والغائب عنهم معذور، وسر ابتسامتهم الرضا بالميسور، يجتمعون بلا عتب، ويفرحون بأقل اللعب، ولا يفرقهم غضب، وسرعان ما ينامون إن غالبهم التعب، لا يندمون على ما فات، ولا يخشون ما هو آت، يضحكون بصدق، ويبكون بعمق، ويتألمون.. غير أنهم لا يحقدون، وسرعان ما ينسون، وأسرع منه يغفرون، ولا يجدون حرجًا في العودة على ما كانوا عليه، بل وربما بأفضل مما يكون.
تعلموا منهم صفاء القلوب وبساطة الأسلوب، ونقاء النوايا، وسلامة الخبايا، يحبون بعمق، وينسون بصدق، يقبلون عليك كلما تبسمت، وينفرون منك إن تجهمت، يجمعهم المكان أيا كان، ولا يشغلهم انقضاء الزمان، ويفرحون بالهدية ولا يعنيهم ثمنها، ولا متجرها.
يعرفون مكانتهم، وينكرون مع من يحبون ذواتهم، يعيشون اللحظة بتفاصيلها، دون البحث فيما وراءها، لا يعرفون لغة الخديعة، ولا المجاملات المريعة، لذا يسكنون القلوب بابتسامة بهية، ويراهم الناس ملائكة بشرية، فيَقبَلُون منهم ما لا يُقبل من غيرهم.
هم باختصار يرجون بلا حسد، ويعطون بلا نكد، ويسألون بلا خجل، ويتعلمون بلا ملل، متجددي الشغف، باحثين بلهف، ولا يعنيهم الترف، ولا يهمهم مَن رحل ولا مَن دلف.
وتلك هي سيرتك الأولى، التي كنت عليها، وليس من الصعب عليك أن تعود إليها...
إن شئت.
@nayefcom