يمكن على وجه العموم تصنيف ثلاثة مواقف تجاه ظاهرة الاحتباس الحراري إلى ثلاث فئات: الفئة الأولى تلك التي شعرت بجدية الأمر وخطورته وبدأت في دق ناقوس الخطر. يندرج تحت هذه الفئة عدد كبير من مؤسسات المجتمع مدني ومعاهد الدراسات والأبحاث والأحزاب السياسية، وعدد من النشطاء مثل آل جور نائب الرئيس الأمريكي الأسبق، والممثل الأمريكي ليوناردو دي كابريو، وربما كانت الناشطة السويدية اليافعة جريتا ثونبرغ هي الأبرز في هذا المجال.
ويندرج ضمن الفئة الثانية المؤسسات، التي تباشر عملية إنتاج غازات الدفيئة (ثاني أكسيد الكربون والميثان وغيرهما) من ملوثات الغلاف الجوي. الحديث هنا عن عدد ضخم من شركات عملاقة عابرة للقارات وأخرى أصغر حجما تنفث في الغلاف الجوي كميات مهولة من السموم الغازية. وعلى ارتباط بها تلك الشركات المسؤولة عن اجتثاث مساحات هائلة من الغابات بهدف التنمية الاقتصادية.
الفئة الثالثة هم ساسة العالم، وهنا يذهب القوم زرافات ووحدانا في مدى الالتزام بتطبيق معايير الحد من الانبعاثات الكربونية. وإذا عرف السبب بطل العجب. فالارتباط العضوي بين الفئتين الثانية والثالثة يفسر المأزق، الذي يعيشه الكوكب. إذ إن المصالح مشتركة بين رأس المال والساسة هو أحد أسباب تفاقم المشكلة وعدم اتخاذ مواقف حاسمة بشأنها. إذ إن الالتزام ببيئة خضراء سوف يكلف تلك الشركات وأصحابها وساسة العالم الصناعي الكثير من الجهد والمال وتدنيا في أرباح تلك الشركات.
ولكن ماذا عن السواد الأعظم من البشر؟. ما هو موقف الفرد البسيط في كل أنحاء العالم من هذا المشهد، وما هي إمكاناته في الحد من انبعاثات غازات الدفيئة، وما هو منتظر منه لإصلاح ذلك؟. في مجتمعات معقدة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا كما هو حال مجتمعات اليوم، فإن البدائل أمام الفرد تكاد تكون محدودة. صحيح إنه بإمكان الفرد القيام ببعض المبادرات الفردية في منزله (الحد من استخدامات الطاقة الأحفورية) ومركبه (التقليل من استخدام السيارة على سبيل المثال) والاعتماد على الطاقات البديلة (الخلايا الشمسية التي بدأت تحتل مكانتها كطاقة بديلة). غير أن كل ذلك مرهون بمواقف مؤسساتية نافذة لأن هذه المؤسسات هي التي بيديها الحل والعقد في ذلك.
وبطبيعة الحال، فإن الاحتباس الحراري هو أكثر من مجرد أزمة عابرة، بل إنه سيبقى ملبدا لأجواء الكرة الأرضية والسياسة والاقتصاد لعقود قادمة. غني عن القول إن الوعي البيئي على كل المستويات هو بالدرجة الأولى موقف أخلاقي تجاه الأرض والناس، وهو أيضا مسؤولية اجتماعية حري بالكل التحلي بها.
@MohammedAlHerz