يتردد في مجتمعات النساء عن قوة المرأة وعن كفاحها في بناء نفسها وحرصها على إنشاء سيرة ذاتية «فخمة!» مليئة بالشهادات والمشاركات والأعمال واستغنائها بنفسها عن الرجل! لكن هناك فئة من النساء يختصر عليها الرجل ألف ميل ويجعلها «شيخة» بمجرد ارتباطها به، وقد جاءها وهو «جاهز» بنى سيرته الذاتية و«تعب» عليها فلا تحتاج لأن تنحت في الصخر إلا إذا كانت «غاوية شقى» كما يقال، أما إذا كانت من الفئة التي تبحث عن الراحة فيكفيها أن يقال «حرم فلان»، خاصة إذا كان فلان متوافقا معها في العمر وذا خلق ومنصب ومال و(كرم) فهي النعمة والفضل! وتذكر القصص أن أحد شيوخ القبائل كان يبحث عن زوجة فتقدم لإحدى الأسر التي لم تجد بداً من الموافقة عليه، فمثله لا يرد، تزوجت الفتاة وعاشت كالأميرة مع رجل خلوق كريم مضياف لا يرد لها طلباً، كما حظيت ببعض الممتلكات التي كانت بمثابة أبسط هداياه! ولا يمر الأسبوع دون توافد النساء من مختلف الأعمار للسلام عليها تقديراً لزوجها!! لكنها مع مرور الأيام سئمت حياة الرفاهية وأرادت أن تتخلص منها! فلم يشفع لها تفردها ومكانتها العالية، التي اكتسبتها منه دون مشقة! فجاءت لزوجها ذات صباح تذكره بنخوته وعفة نفسه وتطلب منه الفراق لتتزوج شاباً يقاربها في العمر فما كان منه إلا أن لبى طلبها وحملتها القافلة لبيت أهلها محملة بشيء من كرمه، ثم تزوجت شاباً لئيماً لا يملك من الدنيا شيئاً حتى «سلوم العرب» بعيدة عنه وبعد سنوات أدركت خطأها وسوء صنيعها فطلبت منه الطلاق لكنه لم يجبها إلا بأن تكتب له كل ما تملك وفعلت لتتخلص من حياة لئيمة رمادية قاتمة وحاولت الرجوع لزوجها السابق وطلبت شفاعة مَن يعرفه لكن نفسه الأبية أبت عليه أن يعود لمَن رفضته.
هذه القصة ليست على إطلاقها لكنه المبدأ الجديد، الذي تتبناه بعض الفتيات لأن الحياة في نظرها تعقدت وصعُبت ولا طاقة لها بمشوار طويل وصبر منهك وتحول بطيء يُذهب شبابها ويفني حيويتها! لاسيما أن احتياجاتها المادية في ازدياد والمشاهير لا يفتأون يصورون سفرياتهم ومشترياتهم مما يجعل الشاب في مقتبل العمر عاجزاً عن مجاراتها فيما تطلب فصرفت عنه نظرها وإن كان شاباً من مرتادي الأندية مفتولي العضلات! وبدأت تبحث عن رجل جاهز وفق نظرية «شوقر دادي» لكنه زواج فيما أعتقد!
أما «الشوقر دادي» فأعادت له هذه النظرية الثقة وبدأ بالتصابي! والتسكع في المقاهي وأماكن تجمع الفتيات ليبحث عمن تملأ فراغه ويملأ جيبها حتى إنه من هول الاندفاع ضل الطريق! ولم يواكب صيحات المعاكسة الإلكترونية الجديدة!! حيث حدثتني إحدى (الفاضلات) أنها اعتادت على المشي صباحاً بعد ذهاب أبنائها للمدرسة، وكانت تشعر بالارتياح للهدوء، الذي تجلبه ساعات الصباح الباكر لكن «الشوقر دادي» أفسد عليها صباحها ذات يوم وهو يقترب منها تتقدمه «كرشته» ويتمتم بكلمات لم تفهم منها إلا أنه يعمل في شركة كبيرة ـ الغريب أن موظفي الشركة الكبيرة يخرجون من بيوتهم بعد الفجر مباشرة ـ! المهم أنها ركضت دون هدى أو شعور وتركت المشي بما فيه له ولأمثاله!!
إن انكفاء الفتيات على وسائل التواصل الاجتماعي والتأثر المفرط فيما يطرحه أبطاله غيّر الكثير من المفاهيم والمُسَلّمَات حتى مؤسسة الأسرة لم يعد الاختيار فيها للأنسب والأصلح وفق ما جاء في حديث المصطفى الكريم، بل تأثر الكثير منهن وقلدن الداعيات للاستقلالية والعزوبية أو الزواج المادي بدافع المصلحة
ولأن بعض الفتيات المندفعات نحو المادة ربما يقعن فريسة الطمع فلا هن نلن بلح الشام ولا عنب اليمن، ولم يتمكن من الحصول على لقب مشرف، بل تحول لقبهن إلى فلانة «المتزوجة مسيار»! أو فلانة حرم «الشوقر دادي راعي الكرشة»!
@ghannia