صناعة تجربة مميزة تتجاوز
توقعات المستفيدين
أوضح المستشار في التخطيط والتميز المؤسسي عبدالعزيز المحبوب، أن الخميس الثاني من شهر نوفمبر سنويا، هو يوم عالمي للجودة، يتضمن العديد من الفعاليات، وبشعار معين، بينما يشهد العام الجاري، أسبوعا كاملا من 8 - 12 نوفمبر، وليس يوما واحدا، لتعزيز المفاهيم المتعلقة بركيزة الجودة عالميا.
وأضاف إن شعار هذا العام «الاستدامة» مرتبط بشكل كبير مع أهداف التنمية، التي اعتمدتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، والهدف منها السعي لضمان تمتع جميع الشعوب بالازدهار بحلول 2030، مشيرا إلى أن الاستدامة تشمل الأعمال والموارد والكوكب، لمواجهة التحديات العديدة.
تحسين الممارسات
وقال «المحبوب» إن تطوير المنتجات يعني تحقيقها الأهداف المرتبطة بتوفر الموارد، وتصنيع منتجات صديقة للبيئة، إضافة إلى تطوير الشعوب، من خلال اكتساب المهارات وتحسين الممارسات ومواجهة السلبيات، مع الحفاظ على الكوكب من خلال التطور المناخي ومواجهة التصحر، ويركز الشعار على دور الجودة في معالجة تلك التحديات.
الجهات المعنية
وبين أن للمملكة جهودا كبيرة جداً وواسعة في هذا المجال، فعلى مستوى الوعي توجد هيئة المواصفات والمقاييس والجودة، وكذلك الجمعية السعودية للجودة، والمجلس السعودي للجودة، وقطاعات الدولة جميعها تحتفل بهذه المناسبة، وهو ما يدل على ارتفاع الوعي، والكثير من المؤسسات تراعي المعايير الدولية؛ لتحقيق التميز على مستوى دول العالم.
معايير التصنيع
وأشار إلى إسهامات المملكة في تعزيز مفهوم الجودة كتطوير المنتجات؛ إذ تركز الدولة على معايير التصنيع، من خلال هيئة المواصفات والمقاييس والجودة، إضافة إلى دور هيئة الغذاء والدواء، وكذلك وزارة التجارة والبلديات وغيرهم، إلى جانب الفعاليات والمبادرات التي أطلقتها الدولة وفق رؤية 2030 ومنها: برنامج بناء القدرات، الذي أطلقه سمو ولي العهد الأمين، يحفظه الله، وهو ما يسهم في تطوير العنصر البشري والمخرجات، وفق برامج «جودة الحياة». وأكد «المحبوب» أن مبادرة السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، نموذج هام لحماية البيئة، من خلال التوازن بين الاقتصاد والحد من الانبعاثات الكربونية وحماية المناخ.
تجربة مميزة
وأكد أهمية التمحور في القطاعات الثلاثة على العملاء والمستفيدين وصناعة تجربة متميزة تسهم في تحقيق رضاهم وتجاوز توقعاتهم.كما شدد «المحبوب» على أهمية رفع الوعي لدى المستهلكين بأهمية مواكبة الجهود الوطنية في اقتناء السلع التي تطابق مواصفات الجودة، وكذلك التي تسهم في توفير الطاقة والمحافظة على البيئة، إضافة إلى حرص الشركات الوطنية المصنعة على معايير ومواصفات الجودة في المنتجات بما يسهم في نجاح أهداف مبادرة صنع في السعودية.
«دمج التقنية» لتطوير المخرجات
قالت مستشار الجودة والتميز المؤسسي حصة المقرن، إن تطبيق الجودة ليس مفهوما لحظيا، بل رحلة مستمرة للتحسين والتطوير، وفوائدها كثيرة، منها توفير الوقت والجهد والتكاليف، فمراعاة معايير الجودة، تنبئ بالنتائج المستقبلية لأي خدمة، أو منتج، وتشمل استدامة الشركات، التي تحافظ على معايير دولية في منتجاتها، لتحقيق المنافسة. وأضافت: هناك متابعة دقيقة ومستمرة لعمليات الجودة في المملكة، والتي تشمل العديد من العناصر الرامية إلى تحسين جودة حياة الأفراد والمجتمع بشكل عام.
وأوضحت «المقرن» أن أحد أهداف المنظومة، تحسين جودة القرارات، بحيث تبنى على حقائق فعلية، عبر دراسة جميع الجوانب.
وقالت إن استخدام الذكاء الاصطناعي، يسهم في جودة القرارات أيضا، مشيرة إلى أن وزارة التجارة من أوائل الجهات الحاصلة على التميز في الجودة.
وأكدت «المقرن» أهمية نشر ثقافة الجودة، وعدم الاعتماد على الجانب النظري، بل ينبغي أن يرافق ذلك التدريب العملي، على أنظمة وممارسات الجودة، كذلك زيادة دمج التقنية في أنظمة الجودة من خلال تبني وتطوير البرامج التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز، ومراقبة ضمان الجودة في الخدمات والمنتجات.
تصحيح المعلومات المغلوطة
قال عضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للجودة م. سالم الشهراني، إن الكثير من الجهات التي تبنت مفهوم الجودة، لمست نتائجها على أرض الواقع، و«كود البناء» مثال على ذلك.
ترسيخ المفهوم
وأكد أهمية تطوير التشريعات لترسيخ مفهوم الجودة، وتعزيز المبادرات التي تساهم في تطبيقها، خاصة وأن أحد أبرز الأهداف التي تعمل عليها المملكة تقليل الوقود السائل والانبعاثات الكربونية، لحماية المناخ وتعزيز جودة الحياة، وهو ما يتطلب تعاطي الجميع مع هذه البرامج وإدراك أهميتها.
تبسيط المفهوم
وأضاف إن هناك العديد من المعلومات المغلوطة عن الجودة، في مقدمتها الاعتقاد بأنها مهمة إضافية، أو زائدة، ما دفع بعض الجهات لإلغائها، وهناك مهمة تقع على عاتق كل مختص جودة في تبسيط مفهومها، وتوضيح إيجابياتها ونتائجها للإدارة العليا.
وتابع: نشر الجودة لا يقتصر على المعلومات، وإنما هناك سلسلة إجراءات للوصول إلى النتائج المرجوة، وظهورها على أرض الواقع. وطالب بالعمل على تبسيط مفهوم الجودة، ومشاركة وسائل الإعلام المختلفة، في تعريف المجتمع بمبادئ ومبادرات الجودة.
مواجهة الشهادات المزورة و«تجار الشنطة»
ذكر رئيس الجمعية السعودية للجودة بمنطقة مكة المكرمة د. خالد الأكوع، أن هناك تحديات كبيرة تمر بها الجودة، نلمسها على أرض الميدان، ومن أهمها الإيمان بأهمية الجودة وضرورياتها على مستوى الأشخاص والمؤسسات؛ فالاهتمام بالجودة من صميم ديننا، الذي أوصى بالإتقان، وهي على المستوى الشخصي والمؤسسي والبيئي مطلب ضروري يحقق أهدافا مادية ومعنوية.
تقليل الهدر
وقال إن من أهم مستهدفات الجودة، الحفاظ على الكون، وتوافر المنتجات، وتقليل الهدر والوقت والجهد، ما يدفع كل فرد إلى الإيمان بأهمية الإتقان والإنجاز وفق المعايير البيئية السليمة، لتحقيق الاستدامة وخدمة المستفيد.
وأكد «الأكوع»، أن الجودة تسهم في تقليل الهدر، وتحد من تلويث البيئة، لافتا إلى أن بعض الدول بالغت في الجانب الصناعي مما أضر بالمناخ، وهذه الأضرار تكبد المجتمعات أضعاف قيمة الفائدة.
هدف دائم
وأضاف إن بعض الجهات تخلصت من إدارات الجودة، وأخرى لا يوجد لديها من الأساس، على الرغم من أهميتها في تسهيل عمل الفريق، ورفع الكفاءة، وزيادة الفاعلية، مشيرا إلى أن الجودة ليست مجرد «مظهر»، وإنما هدف دائم يترتب عليه كثير من المهام لضمان الاستدامة وتحقيق التنافسية وحماية البيئة والمناخ.
وأكد «الأكوع»، أن الجودة منهج عمل يطبق أفضل الممارسات، لتحقيق الفائدة للمستفيدين والمنتجين، في الوقت ذاته، مبينا أن حصول الجهات على التميز المؤسسي لا يعني تفوقها، إلا إذا كان هذا التميز، على يد أبنائها من داخل المؤسسة. وأوضح أن قياس الجودة يشمل شقين: قياس مؤسسي، وقياس مجتمعي، مشيرا إلى أن جودة التعليم - على سبيل المثال - يظهر أثرها في الطالب والمجتمع، من خلال توطين الوظائف وتبني الحرف وعدم وجود البطالة أو تقليلها، وبالتالي فلا يمكن الحديث عن جودة التعليم بدون مخرجات ملموسة على أرض الواقع.
تنظيم الأعمال
وأضاف إن من أبرز التحديات التي تواجه «الجودة» عدم وجود مرجعية تنظم أعمالها، داخليا، أو تنظم أعمال الشركات خارجيا، مؤكدا أهمية توحيد جهود الهيئات والجهات العاملة في الجودة داخليا، وبناء مرجعية وطنية موحدة للجودة، لوقف أي هدر يحدث بسبب «تجار الشنطة»، وكذلك مراقبة الشهادات المزورة، ووقف التضليل والكذب، من قبل بعض الشركات مثل وضع مواصفة «أيزو 9001» الإدارية، على منتج صناعي، ما يعد تغريرا بالعميل.
تطبيق 850 نظاما بالقطاعات الكبرى
أوضح مستشار الجودة م. فهد الحماد، أن الجودة بمفهومها البسيط، تعني «اكتب ما تعمله، واعمل ما تكتبه»، مشيرا إلى أن هذا القطاع يواجه تحديات ثقافية وإدارية واقتصادية ومادية.
ثقافة عمل
وقال إن الكثير من الإدارات تعتقد أن الجودة مجرد تكلفة زائدة، وبالتالي تم إلغاء إدارات الجودة في عديد من القطاعات، على الرغم من أهميتها في تحسين العمل والمنتج، موضحا أن الجودة هي ثقافة عمل وجودة مخرجات ومدخلات، وتسهم في تحقيق التنافسية وخدمة المنتج والمستفيد.
وبين «الحماد» أنه جرى تطبيق ما يقارب من 850 نظام جودة على قطاعات كبيرة في المملكة، و«الجودة» ليست شيئا كبيرا أو معقدا، وإجراءاتها لا تتعدى 3 ساعات عمل، مع جهد بسيط ووضوح في المعلومات، مشيرا إلى أن «الجودة» تعني أيضا، عدم تكرار الأخطاء والوصول إلى رضا العميل.
واعتبر أن ضبابية الخطوات في العمل، أحد معوقات الجودة، وبالتالي يختلف الأداء من موظف لآخر، لعدم وجود خطوات واضحة.
مقومات النجاح
وأضاف إن «سابك» نجحت في تحقيق الجودة، خلال الثمانينيات من القرن الماضي، عندما أوصلت منتجاتها لجميع أنحاء العالم في البرتوكيماويات، وفي العصر الحالي، كل الجهات تسعى لتطبيق الجودة سواء باقتناع أو عدم اقتناع، إذ إن هناك جهازا في الدولة اسمه قياس أداء الإدارات الحكومية، وهذا عنصر أساسي في قياس الجودة، مشيرا إلى أن وزارة التجارة، حققت نجاجا ملموسا في الجودة، من خلال تقليص مدة إصدار السجل التجاري لـ120 ثانية فقط، بينما بعض الدول تحتاج إلى شهر، كما أن نظام أبشر تفوقت به المملكة عالميا.
وأكد «الحماد» على ضرورة نشر ثقافة الجودة داخل المنشآت، مشيرا إلى أنه منذ 2006 حتى 2021 أشرف على تدريب 12 ألف شخص عبر 13 دورة في الجودة، مؤكدا أن الجميع يستطيع تطبيق الجودة، بمجرد فهمه لآلياتها وأهدافها.
التوصيات:
6 - مراقبة الشهادات المزورة خاصة «الآيزو»
7 - دمج التقنية في أنظمة الجودة.
8 - التزام الشركات بالمعايير التي تعزز نجاح مبادرة صنع في السعودية.
9 - التعاطي مع مبادرات المملكة لتحقيق جودة الحياة.
10 - التدريب وتأهيل الكوادر البشرية.
معوقات
1 - الاعتقاد بأنها مهمة إضافية أو زائدة.
2 - تهميش دور إدارات الجودة أو الاستغناء عنها.
3 - الاقتصار على التوعية النظرية.
4 - عدم وجود مرجعية لتوحيد الجهود.
5 - ضبابية الخطوات في العمل.