[email protected]
تتردد على ساحتنا النقدية العربية مقولة أظن أنها موغلة في الخطأ مفادها أن الناقد «مبدع فاشل» أما أنه مبدع فصحيح، أما فشله المربوط بانصرافه إلى غربلة الأعمال الأدبية ونخلها «دون عطاء أدبي مبدع» منه فهذا أمر غير صحيح، ولا أحسب أن انصراف الناقد عن العطاءات الأدبية المباشرة يعد «منقصة» تؤثر على عطاءاته النقدية، لأن النقد في حد ذاته عمل إبداعي «قائم بذاته» لا تقل أهميته بحال من الأحوال عن أي عمل إبداعي آخر، فكما أننا لا نستطيع إلزام الأديب بأن يكون ناقدا لعمله الإبداعي، فإننا لا نستطيع في الوقت ذاته أن نلزم الناقد بأن يكون شاعرا أو روائيا أو قاصا ليتمكن من نقد هذا العمل الإبداعي الأدبي أو ذاك.
صحيح أن على الناقد الأدبي أن «يتقمص» العمل المعروض أمامه وكأنه هو الذي كتبه لكي يتمكن من التعايش معه، ومع مكوناته الفنية، أي أن «يتعاطف» معه تعاطفا مباشرا، حتى يصل إلى درجة جيدة من فهم العمل وسبر أغواره والوقوف على أسراره وخفاياه، وصحيح أن الناقد بهذه الطريقة وحدها «وبالتبحر» فيها يصل إلى الطريقة التي سلكها الأديب لإخراج عمله، ومواطن النجاح التي يمكن بها الوصول إلى تلك المواطن، غير أن ذلك لا يعني بالضرورة أن يتحول الناقد بين عشية وضحاها إلى روائي أو كاتب قصة أو شاعر لمجرد أنه أحاط «بسر الطبخة» إن جاز التعبير.
[email protected]
[email protected]