هيئة مستقلة لدراسة الأرقام وتحليل النتائج
قال الكاتب الصحفي خالد الشنيبر، إن مغادرة 177 ألف سعودي لأعمالهم في القطاع الخاص، بحسب الهيئة العامة للإحصاء، أمر طبيعي في أي سوق عمل، وفقا لما يسمى بالدوران الوظيفي.
وأضاف «الشنيبر» إن الفترة الماضية لا يمكن القياس عليها لأنها فترة تعاف من أزمة كورونا، وبالتالي ليست مناسبة للقياس عليها بشكل صحيح، وطبيعي أن الموظف عندما تتأخر رواتبه يبحث عن فرص وبيئة أفضل. وأوضح: هناك طلب على السعوديين مع القرارات الصادرة مؤخرا، ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أعلنت عن إستراتيجية جديدة لتوظيف أكثر من 200 ألف موظف خلال هذا العام.
مميزات جاذبة
وبين «الشنيبر» أن الكثير من السعوديين عملوا خلال الفترة الماضية في وظائف غير تخصصاتهم، مشيرا إلى أهمية تعزيز بيئة العمل وتوفير المميزات الجاذبة. وأوضح: من المهم بحث الأسباب الوقعية التي أدت لمغادرة 177 ألفا من وظائفهم، وكذلك كيفية التحكم في هذا الرقم، مشيرا إلى أنه عالميا تعتمد انسحابات الموظفين على حسب القطاعات والاقتصاد؛ فمثلا قطاع الزراعة في السعودية يختلف عن قطاع الزراعة في دولة أخرى وهكذا.
إستراتيجية واضحة
وطالب «الشنيبر» بوضع إستراتيجية لسوق العمل، والوقوف على معدل الاستقرار في كل قطاع، وتشمل الإستراتيجية مختصين في سوق العمل، ومعرفة مساهمة القطاعات المختلفة في الاقتصاد، وكذلك استحداث منصة لمؤشرات الموارد البشرية لا تقتصر على معدل البطالة بل تقيس حتى معدل الاستقرار والرواتب.
وتابع: بالرغم من الإحصائيات التي تنشرها هيئة الإحصاء بشكل دائم، إلا أنها تحتاج إلى مؤشرات للثروة البشرية وربطها بالقطاعات والجنسيات العاملة، وبالتالي نستطيع اتخاذ قرارات مبنية على إحصائيات دقيقة. وأضاف: منذ بدء رؤية المملكة 2030، وهناك مرونة في القرارات، مشيرا إلى أهمية المنصة للمستثمر الخارجي، حتى يتمكن، عبرها، من معرفة عمل القطاعات.
ثروة بشرية
واعتبر أن الموارد البشرية أهم تخصص؛ كونه يتعامل مع ثروة بشرية، إلا أن بعض الجهات لا تسند المهمة للخبراء أو الأكفاء، مشيرا إلى أن مجرد حصول العامل على دورات يؤهله لهذه المهمة، وهذا غير صحيح لأن الدورات في النهاية «ربحية»، وفي الكثير من الحالات تفتقد لعناصر التقييم الصحيح. وطالب بإنشاء هيئة خاصة للموارد البشرية، تعتمد على الأكفاء والمختصين وليس أصحاب الأعمال، وكذلك وضع نظام ينص على: «يجب على مدير الموارد البشرية أن يكون حاصلا على اعتماد من هذه الهيئة». وقال إن غرفة الشرقية أهملت دور لجان الموارد البشرية ولجان سوق العمل.
مشكلة البطالة
وأكد «الشنيبر» أن مشكلة البطالة بالمملكة لن تُحل، إلا من خلال الاهتمام بالموارد البشرية، مشيرا إلى أهمية الاستفادة من المواطنين والمواطنات الذين طوروا من إمكاناتهم عالميا، باعتبارهم ثروة مهمة جدا.
وأضاف: هناك ضعف كبير في ثقافة الموارد البشرية، وهذا يسبب مشاكل اقتصادية لدينا، إذ نفتقد لتوظيف قدرات المختصين في هذا المجال، مشيرا إلى أهمية وجود برامج تحفيزية للقطاع الخاص لتطبيق ممارسات الموارد البشرية.
وتابع: كذلك نتمنى ربط النطاقات في تطبيق ممارسات الموارد البشرية، وكذلك تضمين الثقافة العمالية بمناهج التعليم، إذ لماذا لا يكون لدى الخريج سجل للمهارات، تشمل الاطلاع على سجل العمل، والاستفادة من التطبيقات المختلفة عالميا.
وظائف السعوديين
وبين الشنيبر أن استقالة الموظف بدون سبب وجيه ومشروع، يعني أننا نخسر وظائف بشكل غير مباشر، ولو كان هناك احترام للعقود لوجدنا ارتفاعا في أرقام وظائف السعوديين، مشيرا إلى أهمية التفريق بين الاستقالة والإقالة.
وقال إن الأمان الوظيفي لا علاقة له بالقطاع الخاص أو الحكومي وإنما بالموظف نفسه ومؤهلاته وشهاداته والتزاماته، والناس ينظرون على أن القطاع الخاص فيه مميزات تختلف عن العام، مشيرا إلى أهمية رفع ميزات القطاع الحكومي.
بناء قاعدة علمية متينة لمهن المستقبل
أكد المختص في الموارد البشرية يوسف الغامدي، أهمية وجود هيئة حيادية، لدراسة سوق العمل واستخلاص الإحصائيات، ليست تحت مظلة وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
تحليل وترجمة
وقال: عندما ترغب في معالجة بعض الإحصائيات؛ لا بد من وجود هيئة مستقلة، ما بين وزارة الموارد البشرية والقطاع الخاص، لقراءة الإحصائيات من الوزارات ذات العلاقة وترجمتها وتحليلها ورفع التوصيات بشأنها ومراجعة الأنظمة كذلك. وأضاف: عندما يغادر 177 ألفا وظائفهم، فمن البديهي أن تبحث وزارة الموارد البشرية، لأسباب ذلك، وتبدأ في مناقشة الأسباب والحلول.
جهة موحدة
ووصف «الغامدي» التوظيف في المملكة بـ«غير المفيد»؛ إذ لا بد من جهة موحدة، لا تتبع أي وزارة، تسند إليها المهمة، لتحقيق ناتج أفضل، مثل هيئة سوق العمل في مملكة البحرين.
واعتبر الغامدي أن مواقع التواصل الاجتماعي أحد مصادر المعلومات الخاطئة، وبعض مديري الموارد البشرية يستقون معلوماتهم من مواقع التواصل الاجتماعي، وليس الجهات الرسمية، بالرغم من أن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تؤدي دورا جيدا، عبر نشر التحديثات الجديدة وشرحها.
أصحاب الأعمال
واعتبر أن القضايا العمالية، سببها أصحاب المال الذين لا يدركون أهمية وجود الموارد البشرية في المنشأة التجارية، وكذلك عدم التزامهم، بما يعرضه مدير الموارد البشرية، تجاه المنشأة، ولكي نعالج التحديات التي تواجه الموظفين، لا بد من تطوير وتقوية الموارد البشرية عبر تثقيف أصحاب لأعمال بأهمية دور هذه الجهة. وأكد «الغامدي» ضرورة أن تضع وزارة الموارد البشرية نظاما واضحا لا يعتمد على التأويل، وكذلك مراجعة القضايا العمالية، ومعرفة الإحصائيات ونوع القضايا، وكذلك تعديل بعض الأنظمة، لا سيما في عصرنا الذي تتقدم فيه المعارف سريعا، والذي يشهد تغيرا مستمرا في بنية السوق وحاجته للمهن والاختصاصات المختلفة.
القضايا العمالية
وقال: في 2014 رفعت لجنة الموارد بغرفة الشرقية توصيات ولم يتم العمل بها، مشيراً إلى أن بعض القضايا تصل للمحكمة العمالية ويتضح أن مدير الموارد البشرية نفسه لا يعرف الخطأ.
وبين أن الكثير من الاستفسارات، التي تصلهم تدل على ضعف كبير في الموارد البشرية بعدد من الجهات وضبابية النظام، متسائلا «هل سبق للعاملين في وزارة الموارد البشرية، ممارسة العمل في القطاع الخاص؟».
أصحاب العمل أحد أسباب ضعف القطاع
قال المختص في الموارد البشرية صالح الوسمي، إن هناك جهلا في سوق العمل سواء من المسؤولين عن الموارد البشرية أو من الموظفين، مشيرا إلى أن أصحاب العمل أحد أسباب ضعف بنية الموارد البشرية، وهنا يأتي دور وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في كيفية تثقيف المجتمع بسوق العمل؛ فمثلا حديث التخرج الباحث عن وظيفة يعتمد على ما يقوله صاحب المنشأة ويستمر عليه، سواء كان صحيحا أو خاطئا. وأضاف: هنا يأتي دور وزارة الموارد البشرية وكذلك مديري هذا القطاع، في توضيح الحقوق والواجبات وتثقيف الموظفين الجدد، وتثقيف أنفسهم وليس خطأ الاستعانة باستشارات في هذا الجانب.
تعديل الأنظمة
وأوضح «الوسمي»، أن دارس الموارد البشرية، بعد التخرج، يصطدم بالواقع، خاصة حينما يعمل في غير تخصصه، مشيرا إلى أن بعض الأنظمة تحتاج لتعديل. وأضاف إن الموظف هو أمان نفسه، والدليل أن كثيرا من القطاعات الحكومية استقطبت كفاءات من القطاع الخاص.
وقال: الأمان الوظيفي في القطاع الخاص أكثر، ربما بسبب أن بعض القطاعات تخشى من القضايا العمالية، مطالبا بوجود هيئة مختصة تعتمد على الخبراء في الموارد البشرية لدعم الموظفين ودراسة سوق العمل.
الإدارة الوافدة تعيق الكفاءات
قال المهتم بالموارد البشرية والتطوير نايف العمري: إن الموارد البشرية في الشركات الكبيرة تمارس أفضل المهارات والخبرات المعمول بها على مستوى العالم وحاليا تمر الكثير من الشركات في مرحلة تحول كبيرة فيما يتعلق بتغيير مفهوم الموارد البشرية التقليدي إلى مفهوم رأس المال البشري الحديث والتخلي الكامل عن الإجراءات الروتينية من خلال الأتمتة لإجراءاتها والتواصل مع موظفيها من خلال العديد من قنوات التواصل التي تدعمها التقنية وصولا لرضا الموظفين، والاهتمام بتحسين بيئة العمل بشكل مستمر لجذب أفضل الكفاءات، بالإضافة لتحقيق الأهداف الوطنية التي تتوافق من رؤية المملكة 2030 التي تعتبر جزءا من أهدافها. مضيفا إن الشركات الصغيرة والوسطى ما زالت تحكمها الإدارة التقليدية ويتحكم بقراراتها مصلحة الشركة نفسها التي أغلبها من الوافدين أولا وليس أهداف الإدارة الحديثة وتوجهات التوطين وتحقيق رؤية المملكة. وأشار إلى أن سبب مغادرة المواطنين حسب رأيه، أن الكفاءات الناجحة لن تتعايش مع بيئات العمل التي يوجد فيها تحزبات، خاصة من الوافدين، التي بدورها لا تدعم التطور الوظيفي الذي يحقق تقلد الكفاءات الوطنية لمناصب قيادية، بالإضافة إلى اكتشاف المواطنين وجود فجوة كبيرة في الرواتب التي يتقاضونها مقارنة بالمجهود الذي يبذلونه والتفاوت الموجود في الرواتب مع الشركات المنافسة وسوق العمل بشكل عام، بالإضافة إلى الضبابية الموجودة في المستقبل الوظيفي بما يعرف عدم وجود «مسارات وظيفية» وخطة تطوير وظيفي للموظفين السعوديين للمضي قدما في هذه المسارات الوظيفية.
التوصيات
1 - إنشاء هيئة مستقلة للموارد البشرية.
2 - نشر الثقافة العمالية في مراحل التعليم.
3 - تفعيل دور الغرف الصناعية.
4 - دراسة ومراجعة دورية لسوق العمل.
5 - جهة موحدة تتولى مهمة التوظيف.
6 - توضيح الحقوق والواجبات وتثقيف الموظفين.
7 - صياغة نظام العمل بشكل لا يقبل التأويل.
8 - استقطاب الكفاءات وذوي الخبرة للنهوض بالمجال.
9 - الوقوف على معدل الاستقرار الوظيفي بكل قطاع.
10 - برامج تحفيزية لتفعيل أنظمة الموارد البشرية بالقطاع الخاص.
تحديات
1 - ضعف بنية الموارد البشرية بالقطاعات المختلفة.
2 - عدم وجود كوادر مؤهلة.
3 - تهميش دور القطاع في الكثير من المؤسسات.
4 - الاكتفاء برصد الأرقام وعدم تحليلها.
5 - إهمال دور لجان الموارد البشرية.