يُسدِل مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي «إثراء» الستار على مبادرة «الشرقية تبدع»، في حفل يقيمه مساء الليلة، للاحتفاء بصُناع الإبداع، بعد أيام ممتدة انتعشت بالفن والمتعة والتعلم والحوار والخروج من القولبة وإعادة التفكير بصور إبداعية، في فعاليات مدهشة، أضفت طابعًا مختلفًا لنحو 124 جهة شاركت في هذا الحدث الملهم.
إذ اتسعت مساحة إبداع المبادرة لتشمل الدمام والخبر والظهران والجبيل والقطيف والأحساء، في حراك فاعل أنعش السؤال «كيف نخلق ما هو جديد ومبتكر؟»، لتأتي الإجابة عبر مشاركات جاذبة في مجالات لا حصر لها، من الأدب والثقافة والرقمنة والرياضة والترفيه والأطعمة وريادة الأعمال والفنون المتنوعة وأكثر.
كل هذا وُلِد من رحم موسم الإبداع «تنوين» الذي جاءت منه هذه المبادرة الخلاقة، وكلاهما يختتم فعالياته هذا الأسبوع بعد تحريك المياه الراكدة، بما جعل الشرقية تُبدع، بكل ما يعنيه هذا من مساحة شاسعة لمفهوم الإبداع الذي أصبح مطلبًا أساسيا في حياتنا اليوم، وسمة ملازمة لكل عمل قادر على النجاة من فخ النمطية والتكرار، ولهذا جاءت مبادرة «الشرقية تبدع».
وربما كانت المبادرة في عامها الأول بسيطة وتجريبية، إلا أنها اليوم كبرت وتمددت وثبتت أقدامها بين المبدعين وصُناع الإبداع، إذ حملت نسختها الثانية لهذا العام عددًا هائلًا من المشاركات النوعية، من خلال 10 مسارات متنوعة، في مناخ إبداعي يسعى لاقتلاع كل ما هو رتيب ومكرر، واستبداله بمخرجات إبداعية تواكب النهضة التي تعيشها المملكة اليوم ومساعي الارتقاء بجودة الحياة وتحقيق مستهدفات رؤية 2030.
ولأن المنطقة الشرقية سخية دائمًا بالعطاء الإبداعي، فإن المبادرة تمكنت من التغلغل سريعًا في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة وغير الربحية، لتكون حاضرة في ذهن المُعلم والريادي والمعماري والفنان وصانع القهوة وطاهي الطعام ولاعب الكرة، وكل من اختار الإبداع ليكون بصمة فارقة لما يقدمه.
وينسجم ذلك مع ما أظهره تقرير حديث أصدره مركز «ثراء» حول «رسم خارطة طريق للمشهد الإبداعي والثقافي في المملكة العربية السعودية»، أن الصناعات الثقافية والإبداعية ساهمت بنسبة 1.5 % في إجمالي الناتج المحلي السعودي لعام 2018. وتنمو هذه الصناعة بنسبة 13 % في السعودية، وتشهد تحولًا كبيرًا.
وأسهمت «الشرقية تبدع» في خلق فرص إبداعية بعيدًا عن الطابع التقليدي، مع فرض مناخ إبداعي مزوّد بأحدث الأطر المواكبة لوتيرة الحياة المتسارعة في القطاعات كافة، فضلًا عن منح المؤسسات فرصة التسويق بطراز إبداعي معاصر، تمهيدًا للدخول في روافد الاقتصاد الإبداعي الذي يشكِّل جزءًا مهمًا من منظومة الناتج المحلي بما ينعكس على عجلة الاقتصاد الوطني.
هذا المساء، تصل «الشرقية تبدع» إلى محطة الختام، لكن الإبداع لن يتوقف وسيستمر، فالمبادرة التي أنارت الضياء للمبدعين تؤمن بأن الدور القادم هو لجميع المؤسسات والأفراد في استكمال مسيرة الإبداع وتذليل أي عائق يحد من مواهب المبدعين وقدراتهم، لتكون المنطقة الشرقية الوجهة الأولى للإبداع في المملكة، فاليوم هو دورنا جميعًا لتبقى الشرقية مبدعة دائمًا، كما عهدناها.
ومن الجدير بالذكر أن مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي «إثراء»، يسعى دائمًا إلى نشر ثقافة الإبداع بين الشباب عبر البرامج النوعية المتجددة، سعيًا منه لبناء جيل قادر على بناء هوية طامحة نحو المستقبل، حيث يعد المركز منصة للإبداع تجتمع فيه المواهب من مختلف الفئات العمرية للتعلم والتجربة وتبادل الأفكار.