من الصعب الحكم على سوق العمل خلال هذه الفترة، خاصة مع المتغيرات والقرارات المتسارعة، وإضافة لذلك ما زالت بعض القطاعات تعاني من تبعات أزمة كورونا، والبعض الآخر في مرحلة التعافي من الأزمة، ولذلك من الطبيعي أن نرى تساؤلات عديدة حول العديد من مؤشرات سوق العمل سواء بالارتفاع أو الانخفاض «حتى ولو كان بشكل مبالغ فيه».
عند قراءة هذا الرقم، نجد أن التركيز ينصب فقط على الجانب السلبي، ويتم تجاهل الجانب الإيجابي من تلك الأرقام، وكمختص في الموارد البشرية أرى أن تحليل هذا المؤشر ينبغي أن يكون في الاتجاهين حتى نصل لمقترحات تدعم تحسين تلك المؤشرات، وإضافة لذلك من المهم أن تكون المؤشرات مقسمة قطاعياً ومناطقياً حتى نتمكن من تحليلها وإيجاد الحلول المناسبة لها، فكل قطاع يختلف عن الآخر ولكل منطقة طبيعة تختلف طبيعة القطاعات فيها.
أسباب الاستقالات بشكل عام قد تكون بسبب التنظيم الداخلي لأصحاب العمل، وهذا الأمر وارد في أي سوق عمل في جميع أنحاء العالم، ومن الصعب التحكم فيه بقرارات لا تتضمن تحسين بيئة العمل الداخلية، وإضافة لذلك قد تكون بسبب عدم توافق مهام العمل مع تطلعات العامل نفسه، وعدم إشراكه في اتخاذ القرارات، ولذلك تطبيق ممارسات الموارد البشرية داخلياً هي الأساس الذي ينبغي على المنشآت وأصحاب العمل التركيز عليها للمحافظة على موظفيها، وحتى يتم ضبط هذا المؤشر فمن المهم أيضاً أن يكون هناك احترام لمدة العقد المُتفق عليها بين العامل وصاحب العمل.
في الإحصائية المتداولة كان المؤشر غير واضح، ويحتاج لتفصيل أكبر؛ حتى تتضح الرؤية والحُكم على تلك الأرقام، وكوجهة نظر شخصية أرى أن عدد الاستقالات خلال هذا الربع والربع الذي يسبقه يعود لعدة أسباب، يمكن تقسيمها كأسباب رئيسية وثانوية، وعند الحديث عن الأسباب الرئيسية فأرى أن أهم سبب هو تصحيح العديد من المنشآت لأوضاعها الداخلية باستبعاد السعودة الوهمية من سجلاتها خلال الربعين الأول والثاني، وذلك على هيئة «استقالات» حتى تتجنب الوقوع في المخالفات، وفيما يخص الأسباب الثانوية فأنا أرى أن من أهمها قرارات التوطين التي تم إقرارها منذ بداية العام، والتي بسببها توجه العديد من المستفيدين من تلك القرارات للبحث عن وظائف في تخصصاتهم التي تم إقرار توطينها، وإضافة لذلك عند الحديث عن الجانب الإيجابي وربطه مع دخول مجموعة كبيرة من تلك الأرقام في سجلات منشآت أخرى فهذا يعني أن هناك منشآت بدأت في تحسين بيئة العمل الداخلية لاستقطاب السعوديين، مما يعني أن هناك تحسنا كبيرا في تطبيق ممارسات الموارد البشرية في العديد من المنشآت، وتنافسا بينها لاستقطاب توظيف السعوديين.
تدريب موظفيك وتطويرهم ومن ثم رغبتهم في الانتقال لصاحب عمل آخر بعد نهاية فترة عقدهم بسبب حصولهم على مميزات أفضل لا تستطيع أنت كصاحب منشأة توفيرها، لا تعني نهاية المطاف، ولا تعني النظر للموظف بصورة سلبية ما دام احترم فترة عقده، فالعلاقة تعتبر علاقة عمل تعاقدية، ولو نظر أصحاب العمل لهذا الأمر كإحدى المسؤوليات الاجتماعية، فسنجد تراكما معرفيا مميزا في سوق العمل.
ختاما.. في الوقت الحالي يعتبر الدوران الوظيفي مؤشرا على نجاح العديد من الإصلاحات في سوق العمل، وهذا الأمر يعي معناه مختصو سوق العمل «غير الشعبويين».
Khaled_Bn_Moh @