الثقة هي إيمانك بقدرتك على القيام بأمر ما في موقف معين، ويتعلق امتلاكها بإيمان المرء بمهاراته بحيث يمكنه أن يبلى بلاء حسنا فيما يقوم به ويواجه التحديات الجديدة دون قلق، كما أنها تتمحور حول قدرته على قول «لا» والدفاع عما يريده، ويتمتع كل شخص بالثقة في مجالات محددة في حياته، ومن النادر أن يثق المرء بقدراته عموما في جميع المجالات، فقد تكون واثقا من مهاراتك في التواصل مثلا، بينما تكون أقل ثقة من مهاراتك في برامج الحاسوب، ولهذا لا يكون مستوى الثقة لدى المرء«منخفضا»، أو «مرتفعا»، بل يقع في منطقة ما بين الاثنين، وليس هناك خطأ في مستوى ثقتك الحالي بصرف النظر عن المنطقة التي يقع، لأننا نحتاج جميعنا لدفعة محفزة بين الحين والآخر، وهذا أمر طبيعي تماما، فهناك خرافات كثيرة ومشوهة حول الثقة، فهي لا تعني أن يكون المرء كاملا ومحقا طوال الوقت، بل إن من مفاتيح الثقة في الواقع أن تدرك أن الأخطاء فرصة مستمرة للتعلم والنمو، ولا يحدث الفشل إلا عندما تكف عن المحاولة تماما، كما أنه لا يعني أن تسير بحسب توقعات الآخرين فيما يتعلق بهويتك، أو ما يجب أن تفعله، بل أن تدرك احتياجاتك ومواهبك وتدافع عنها، كما أن الثقة لا تعني غياب الخوف، حيث يواجه معظم الواثقين مواقف تجعلهم غاية في القلق، لكن الفارق المميز لديهم هو أنهم لا يسمحون لهذا القلق بمنعهم من فعل ما يريدون، وغالبا ما يخلط الناس بين الثقة والغرور، في حين أن الاثنين يختلفان عن بعضهما تمام الاختلاف، فالثقة هي معرفة قدراتك والإيمان بها، أما الغرور فهو رؤية مهاراتك أو أهميتك بصورة مبالغ فيها، أو شعورك بأنك أرفع شأنا من الآخرين، ولهذا يصعب التعامل مع الشخص المغرور، لأنه يتعامل مع الناس وكأنه يعرف كل شيء، لكن المثير في ذلك أن الغرور غالبا ما ينبع من الافتقار إلى الثقة بالنفس، لأنه نتيجة لمحاولة المرء التغطية على عدم شعوره بالأمان، وليس نتيجة الثقة المفرطة، ومعظمنا قد تنتابهم لحظات من الغرور من آن لآخر، فإذا لاحظت بعض مشاعر الغرور في داخلك فخذ نفسا عميقا مع لحظة تفكير أعمق وحاول التأمل والتساؤل مع نفسك، ما الذي تحاول أن تحمي نفسك منه؟ هل يمكن اعتبار وجهة نظر الآخر جديرة بالإنصات، هل ترغب في استبدال تأني الثقة باندفاع الغرور؟ وقد يقول لك الكثيرون لا داعي للاشتغال على تنمية ثقتك من الأعماق، يمكنك التظاهر بصفة ما حتى تكتسبها، ولكن فيما يتعلق بالثقة فهذا ليس الخيار الصحي دائما، فقد يساعدك القليل من التظاهر على المضي قدما أحيانا، ولكن الثقة الحقيقية تنبع من داخل المرء، ولا يمكن ادعاؤها، لأن الواثق الحقيقي ينعم بأساس قوي لإيمانه بنفسه ويصعب كثيرا على أي شخص آخر أن يهز ثقته، لأن هذه الثقة تنمو وتزداد قوة طوال الوقت، مثلها كأي عضلة تعمل على شحذها، فكلما استفاد المرء من مهاراته وواجه تحديات شجاعة وتعلم أشياء جديدة، أصبح أكثر ثقة وأكثر تعاونا مع الآخرين، لهذا لا تصطنع الثقة بل ابحث عنها عميقا في ذاتك، وآمن بقيمة مسعاك، ودع النور يشع من داخلك، وتذكر أنك ظللت تنتقد نفسك لسنوات ولم يفلح ذلك، لذا جرب أن تدرب عضلة الثقة وسيعجبك ما سيحدث.
@LamaAlghalayini