تتسارع أحداث العالم بشكل محموم، ويسعى الإنسان إلى إنجاز مهام عديدة ليتمكن من مجاراة هذا التسارع، لذا تجد أننا أصبحنا نبحث عن حلول سريعة لما نعاني منه من مشاكل، فإذا أراد شاب أن يبني عضلات قوية ومشوار الرياضة طويل فإنه يأخذ مقويات وينفخ نفسه، تريد أن تتخلص من السمنة بشكل سريع فعليك بقص المعدة، الطبخ يحتاج إلى وقت اطلب وجبة من المطعم بخدمة التوصيل، تريد الحصول على كم كبير من المعلومات دون بذل جهد كبير في القراءة تعلم القراءة السريعة، لديك مهام كثيرة تحتاج لإنجازها في وقت قصير، إذن أنت في أمس الحاجة بأن تتخذ قراراتك بشكل سريع، وفي العالم أطلق الطبيب الأمريكي لاري دوسي مفهوم مرض الوقت، ويقول إن الفئات المختلفة من البشر على وجه الأرض أصبح لديهم وسواس بأن الوقت المتاح لنا قليل وسينفد بسرعة، وأننا بحاجة لأن نجري ونلهث لتدارك تسارع الحياة، مما شكل لدينا خوفا من الفناء وأننا لن نستطيع أن نحقق كل ما نريده، وهذا ما جعل فئات كثيرة من الناس متعددة المهام، ونتيجة لذلك أصبح الإنسان يفقد الإحساس بنفسه وبكل ما حوله، وأصبح يلهث عن سراب السعادة التي يظن أنه سيجدها بكثرة إشغال نفسه واستغلال كل ثانية من وقته دون مراعاة لحاجاته الروحية أو النفسية أو العائلية. قال عليك الصلاة والسلام (إن روح القدس نفث في روعي، أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها، فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته). وهنا قد يقول قائل، إذن دعنا نجلس وننتظر ولا نتحرك ورزقنا سيصلنا من غير تعب، وهذا الأمر بالطبع غير صحيح فلا الركض الزائد وراء متطلبات الحياة التي لا تنتهي ومجاراة من هم أكثر منا غنى وترف صحيح، ولا الركود والدعة وترك العمل صحيح أيضا، بل لا إفراط ولا تفريط، قال عز من قائل (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين). الحياة نعمة لا تقتل بالإفراط في العمل وتناسي حق النفس في الراحة وحق الزوجة والأبناء في الرعاية والمصاحبة وحق صلة الرحم في المتابعة والتفقد. وقد نصح سلمان الفارسي رضى الله عنه أبا الدرداء رضي الله عنه فقال (إن لنفسك عليك حقا، ولربك عليك حقا، ولضيفك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه). قال الإمام علي عليه السلام: عليك بتقوى الله إن كنت غافلا..... يأتيك بالأرزاق من حيث لا تدري. فكيف تخاف الفقر والله رازقا..... فقد رزق الطير والحوت في البحر. ومن ظن أن الرزق يأتي بقوة..... ما أكل العصفور شيئا مع النسر.
@azmani21