يقول الحضرمي كما ذكر التلمساني في الكتاب: أقمت مرة بقرطبة ولازمت سوق كتبها مدة أترقب فيها وقوع كتاب كان لي بطلبه اعتناء، إلى أن وقع وهو بخط جيد وتسفير مليح، ففرحت به أشد الفرح، فجعلت أزيد في ثمنه، فيرجع إلي المنادي بالزيادة علي إلى أن بلغ فوق حده، فقلت له: يا هذا أرني من يزيد في هذا الكتاب حتى بلغه إلى ما لا يساوي؟ قال: فأراني شخصا عليه لباس رياسة، فدنوت منه، وقلت له: أعز الله سيدنا الفقيه إن كان لك غرض في هذا الكتاب تركته لك، فقد بلغت به الزيادة بيننا فوق حده، قال: فقال لي: لست بفقيه ولا أدري ما فيه، ولكني أقمت خزانة كتب واحتفلت فيها لأتجمل بها بين أعيان البلد، وبقي فيها موضع يسع هذا الكتاب، فلما رأيته حسن الخط جيد التجليد استحسنته ولم أبال بما أزيد فيه، والحمد لله على ما أنعم به من الرزق فهو كثير، قال الحضرمي: فأحرجني وحملني على أن قلت له: نعم لا يكون الرزق كثيراً إلا عند مثلك، يعطي الجوز من لا عنده أسنان، وأنا الذي أعلم ما في هذا الكتاب وأطلب الانتفاع به يكون الرزق عندي قليلاً، وتحول قلة ما بيدي بيني وبينه!.
عندما يكون على الكتب مزاد، ويسعى التاجر للتجمل بالمكتبة، فهذا دليل حياة المجتمع، ولذلك يجب ألا نزهد أو نُزهّد في الكتاب، فنحن بذلك نجني على المجتمع وأجياله، التي تحتاج للتزود بالثقافة التي تصنع المهارة.
حتى في مؤسساتنا التعليمية مع شديد الأسف هناك مَن يدفع للاعتماد على الملخصات!
وجود المكتبة في البيت ضرورة، فهي ثقافة وزينة وتربية للأبناء، ويجب ألا نبخل على أنفسنا بكتاب جميل، ففي معظم الأحيان قيمة الكتاب أقل من قيمة كوب قهوة وكيكة نصرف من أجلهما الكثير مع تيقننا من ضررهما.
@shlash2020